تعد النيابة العامة أحد أهم أجهزة الدولة باختصاصها بأمن المجتمع وسلامته، وتراجع معدلات الجريمة وانضباط سيرورة الحياة العامة.

ومع أهمية هذا الجهاز، وما يناط به من مهام إلا أنه في حالات عديدة يعاني من حالات التسرب لأعضائه بشكل قد يؤثر في الفاعلية والأداء. وهنا سأطرح بعض الأسباب لهذه المشكلة وقد لامستها مرارا، ولعل من أهمها ندرة الحوافز المالية مقارنة بكثير من أجهزة الدولة ووزاراتها، وهو أمر ينبغي إعادة النظر فيه.

كما يواجه أعضاء النيابة العامة مشكلة أخرى تتمثل في نظام الترقيات، فأرقام الترقيات للمستحقين هي في الغالب ليست معلنة، ويصعب الاعتراض عليها في حال وجود عضو معترض، كما أن إجراءات الترقية قد يصاحبها الانتقال من مكان سكن العضو لمنطقة أخرى. ما يجعل الترقية التي تصنف بالنسبة له تقدما مهنيا وتقديرا لجهوده وخبراته تتحول إلى عبء ثقيل يخشى معها فقدان استقراره الأسري وتغيير كثير مما اعتاد عليه في حياته، ولو فعلها مرة سيكون صعبا عليه أن يفعلها في كل مرة يستحق فيها الترقية، ما يعني ضياع فرصته ويؤدي لتأخير ترقيته بشكل مؤثر. فإذا حصل العضو على الترقية بعد سنوات، وجد نفسه تحت قيادة من هو أصغر منه عمرا أو أقل منه خبرة ممن سبقه في المراتب.

ومن جهة أخرى فإن النيابة ليس لديها برامج ابتعاث أو زمالات مهنية تدريبية، تتيح للمحققين الاطلاع على تجارب الدول الأخرى ولو لفترات قصيرة. وهو الأمر الذي سيكون له أثره الإيجابي في صقل خبراتهم ورفع مستوى تأهيلهم المهني.

ختاما فإنه لا يختلف اثنان على مقدار التحسن الكبير في أعمال النيابة العامة، والذي يلامسه المجتمع بشكل عام والعاملون في مجال القانون بشكل خاص، ولكن ما يزال الأمل كبيرا في أن نرى مزيدا من التنظيم والتطوير والمزايا لأعضاء النيابة، وهم الفرسان الذين يخوضون المعارك كل يوم في ميدان العدالة والأمن والإنسانية.