تمنح تقنية التعديل الجيني gene editing العلماء، القدرة على تغيير وتعديل الشفرة الوراثية للكائن الحي، من خلال استخدام مجموعة من الإنزيمات.

وتسمح هذه التقنية بإضافة المواد الجينية أو إزالتها أو تغييرها في مواقع محددة في سلسلة حمض DNA.

وتوصل العلماء من خلال العمل على سلسلة من الأبحاث العلمية المختصة والدقيقة إلى تطوير عدد من أساليب التعديل الجيني - يُعرف آخرها باسم CRISPR-Cas9 - وهي سلسلة من التكرارات المنتظمة القصيرة المتداخلة والمتواجدة بشكل طبيعي في جينوم الكائن الحي.


صاحب نظام CRISPR-Cas9 كثير من الضجة في الوسط العلمي كونه أسرع وأرخص في الاستخدام، كما أنه أكثر دقة وكفاءة في عملية التعديل الجيني مقارنةً بطرق تعديل الجينوم الأخرى التي سبقته.

بداية الاكتشاف

أبانت الدكتورة ندى الأحمدي أستاذة علم الوراثة الجزيئية بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، أن نظام الـCRISPR- Cas9 اكتشف عام 1987 عن طريق الباحث الياباني يوشيزومي إيشينو من جامعة أوساكا.

وقالت «في هذ النظام الجيني، تستخدم البكتيريا نظام الـCRISPR-Cas9 كوسيلة دفاعية ضد الفيروسات التي تهاجمها، فور أن يحقن الـDNA الخاص بالفيروس داخل البكتيريا، حيث تبدأ بتقطيع الفيروس على هيئة شرائح من الـDNA تتكون كل واحدة منها من سلسلة من التكرارات المنتظمة والقصيرة والتي تُعرف بـCRISPR ومن ثم تحتفظ البكتيريا بشرائح الـDNA الفيروسية لتذكرها، وفي حال تعرضها للهجوم الفيروسي مرة أخرى يتم استخدم الشرائح المنتجة مسبقاً لاستهداف مركب الـDNA للفيروس الجديد، ومن ثم تستخدم إنزيم الـCas9 الذي يعمل على تقطيع أوصال حمض الـDNA الفيروسي مما يؤدي إلى تعطيله عن العمل وقتله.

نظام داخل الخلية

أوضحت الدكتورة الأحمدي، أن العلماء تبنوا فكرة تقطيع وتعديل حمض الـDNA للبكتيريا داخل معامل مختصة من خلال العمل على تصنيع قطعة صغيرة من التتابعات الجينية على ناقل، وهو في هذه الحالة الحمض النووي الرايبوزي RNA، بحيث يحمل التسلسل الجيني المطلوب تعديله. إضافة إلى قطعة الـRNA والتي ترتبط مع إنزيم الـCas9 وهي الأداة التي تُستخدم في القطع في هذه الحالة.

ومن خلال حقن الـRNA داخل الجسم بالبكتيريا بحيث يتعرف على الجزء المستهدف في الجينوم عن طريق شفرة التسلسل اتي يحملها، ومن ثم استهدافه مباشرة فور تحديد الموقع على الجينوم عن طريق خلق نوع من الارتباط، ومن ثم يبدأ إنزيم الـCas9 بالقطع والتعديل.

وأضافت «يعد أنزيم Cas9 من أشهر الإنزيمات المستخدمة في هذه العملية، بيد أن هناك أنواعاَ أخرى من إنزيمات القطع التي يتم استخدامها داخل المعامل، منها على سبيل المثالCpf1 فبمجرد قطع الجزء المستهدف في الجينوم يبدأ الباحثون بالاعتماد على الآلية الطبيعية التي تستخدمها الخلية في إصلاح الخلل الحاصل أثناء عملية الحذف والإضافة أو الإستبدال، لتلحيم الجزء المعدل ودمجه مع الجينوم بطريقة طبيعية».

أهمية التقنية

أكدت الأحمدي، أن أهمية استخدام تقنية التعديل الجيني تكمن في استخداماتها للوقاية من الأمراض البشرية وعلاجها، حيث يعمل عدد من العلماء في الوقت الراهن، على إجراء عدد من الأبحاث لتعديل الجينوم بواسطة CRISPR-Cas9 في محاولة لفهم آلية الإصابة بالأمراض من خلال استخدام حيوانات التجارب لدراسة ومعرفة كفاءة تقنيات التعديل الجيني وجودة تطبيقها قبل استخدامها على البشر.

تطبيقات عملية

ذكرت الأحمدي، أن اعتماد استخدام تقنية التعديل الجيني Gene editing technology applications في المعمل بدأ عام 2012 حيث أحدثت هذه التقنية ثورة كبيرة في علاج عدد من الأمراض كالأمراض السرطانية والعصبية، وأمراض الدم الوراثية، من خلال اعتماد آلية التعديل لإستبدال الجين الطافر بالجين المُعدّل، ومن ثم إعادته للعمل بطريقة طبيعية.

وحدث أول تطبيق علاجي لتقنية التعديل الجيني على البشر عام 2015، أثناء علاج طفلة تبلغ من العمر 11 شهرا، كانت مصابة بمرض سرطان الدم اللميفاوي، حيث تمكن الفريق الطبي من تصنيع خلايا مناعية تائية T-cells معدّلة جينياً مختصة بمهاجمة الخلايا السرطانية فقط دون الخلايا السليمة، وحققت هذه التقنية نجاحاً كبيراً مكن الأطباء من إنقاذ الطفلة التي ما تزال على قيد الحياة. إلا أن الدكتورة الأحمدي، أكدت أنه ما زال من المبكر جداً الحكم على نجاح هذه التقنية في العلاج من عدمه بشكل أكبر على الإنسان.

جانب أخلاقي

على الرغم من أن تقنية التعديل الجيني تحاكي الآلية الطبيعية داخل الخلية في التعديل والإصلاح، إلا أن الأحمدي ترى أن هناك مخاوف أخلاقية من استخدامها لتغيير الجينوم البشري، حيث يقتصر معظم التغييرات التي أُستخدمت فيها تقنية التعديل الجيني على الخلايا الجسدية فقط حتى الآن، وليست الخلايا الجنسية «البويضة» أو الحيوانات المنوية، وقالت «لذلك يقتصر تأثير هذه التغيرات بشكل موضعي على أنسجة معينة فقط، ولا يمكن أن تنتقل من جيل إلى آخر، إلا أن محاولة تطبيقها واستخدامها لنقل الصفات للأجيال القادمة عن طريق إجراء التعديل في البويضات والحيوانات المنوية يضع تقنية التعديل الجيني في امتحان حقيقي من ناحية عدم تجاوز خانة التحديات الأخلاقية العلمية، حول ما إذا كان من الجائز استخدامها من أجل تعزيز بعض من الصفات البشرية الجيدة (كزيادة طول الإنسان أو رفع معدل الذكاء)، وكنتيجة لهذه التحديات الأخلاقية، قرر عدد من الدول إدراج استخدام تقنية التعديل الجيني على البويضات أو الحيوانات المنوية تحت خانة الاستخدام غير القانوني».

سلاح التقنية

وصف مدير المخابرات الوطنية الأمريكي جيمس كلابر عام 2016 تقنية التعديل الجيني، بأنها سلاح محتمل للدمار الشامل، مشيراً إلى خطورة الاستخدام السلبي لهذ التقنية من خلال العمل على تصنيع عوامل أو منتجات بيولوجية ضارة جداً، ورأى أن الاستخدام الواسع النطاق، والتكلفة المنخفضة، والوتيرة المتسارعة لتطوير تقنية التعديل الجيني، قد تؤدي إلى إساءة استخدامها سواء المُتعمد أو غير المتعمد، مما قد يؤدي إلى آثار سلبية وفتاكة على المستويات الاقتصادية والأمنية والوطنية على المدى البعيد.

أمراض تعالجها تقنية التعديل الجيني

الأمراض الوراثية:

متلازمة داون

متلازمة تيرنر وكليفنتر

مرض العمى

الأمراض العصبية:

مرض التصلب اللويحي الجانبي

مرض الزهايمر

مرض الرعّاش

تحديات تقنية التعديل الجيني

سلامة استخدامها على البشر

الأخلاقيات العلمية

تنظيم وتقنين استخدام التقنية

التطبيقات العملية للتعديل الجيني

صناعة أدوية تستهدف مواقع الطفرات الجينية بدقة

إنتاج الوقود الحيوي

إنتاج نباتات مقاومة للأمراض

إنتاج مواد صناعية مختلفة