و«الفزعة» مصطلح خليجي يعرف بالمبادرة إلى المؤازرة وتقديم العون عند الحاجة، سواء لقريب أو غريب، وسواء تعلقت بجانب مادي أو معنوي. لكن «الفزعة» تعدت المتعارف عليه، وتوسعت لتشمل التأمين الصحي، حيث يراها بعضهم من قبيل فعل الخير لصالح الآخرين، على الرغم من أنها تنطوي على تستر وتلاعب على أنظمة التأمين، حيث يسمح بعضهم لآخرين باستخدام اسمه وبطاقته التأمينية على نحو غير قانوني بهدف الحصول على خدمات صحية بشكل غير شرعي، مما يعرض صاحب البطاقة التأمينية، ويعرض ملفه الصحي إلى مشاكل وتبعات غير متوقعة.
حالات وتحذيرات
يشدد المحامي وسام بوشل على مخاطر هذه الظاهرة، مستشهداً بقصة فتاة «فزعت» لصاحبتها بتأمين صحي، بعد شعور الأخيرة ببعض الأعراض المرهقة، ومنها الدوخة، والغثيان، والتعب الشديد، وبالفعل تلقت العلاج بعد فترة تنويم استمرت 3 أيام في أحد المستشفيات السعودية، ولكن القدر لم يمهلها فتوفيت لاحقاً، ما أدى إلى وضع الفتاة مالكة التأمين الحقيقية أمام مأزق كبير، حيث كانت مضطرة لإثبات أنها على قيد الحياة.
ويضيف «هذه القصة سلطت الضوء على المخاطر القانونية والأخلاقية الناتجة عن مثل هذه التصرفات، وأنا أستغرب أن كثيرين ممن علقوا على المنشور الذي ذكر القصة على مواقع التواصل الاجتماعي كانوا يتعاطفون مع فكرة الفزعة، ويلومون من يقف مكتوف اليدين أمام حالة صديق يحتاج إلى رعاية صحية لا يسمح بها وضعه التأميني».
تعليقات وتداعيات
في المقابل، حذر كثيرون من هذه «الفزعات» التي قد تؤدي فقدان أصحاب التأمين لحقوقهم التأمينية، أو قد تحيلهم إلى التحقق الأمني والقانوني، وقد تعرضهم إلى مشاكل أشد، حيث قد يواجه مالك التأمين تغيرات في الملف الطبي مثل نتائج التحاليل غير الدقيقة، أو إضافة مرض لا يعانيه أصلا، ما يسهم في تشويش معلوماته الصحية، ويؤدي إلى اتخاذ إجراءات غير مناسبة لحالته الفعلية.
تذكر إحداهن أنها استخدمت تأمين أختها غير المتزوجة لعمل تحاليل مختبرية في إحدى المستشفيات الخاصة، واكتشفت أنها حامل، وأضيفت النتيجة إلى ملف الأخت لاحقاً، فواجهت الأخيرة مشكلة مع إدارة المستشفى وقسم التأمين بعد محاولتها تصحيح الوضع واستدراك الأمر، وهي تؤكد أن مثل هذا الموقف وضعها في حرج شديد، وجعلها تقرر عدم تكرار هذا الخطأ مهما كان حجم المشكلة الصحية التي ستعانيها.
أثر سلبي
توضح موظفة الصحة هدى مرزوق أن «هذه الظاهرة تؤدي إلى تكديس معلومات غير دقيقة في الملفات الطبية للأشخاص، مما يسبب عوائق في تقديم الرعاية الصحية بشكل مناسب، ويؤثر على التشخيص الصحيح، حيث تتشابه النتائج، أو لا توصف الحالة الصحية بشكل دقيق. كما قد يتم تسجيل نتائج تحاليل غير صحيحة، أو إلغاء أو تشويه بيانات طبية تُؤثر سلباً على مستقبل الفرد الصحي».
ولفتت إلى أن «ظاهرة الفزعة بالتأمين الصحي، رغم نبلها من وجهة نظر المبادر للمساعدة، إلا أنها تحمل مخاطر كبيرة على الصعيد القانوني، الصحي، والأخلاقي. من الأهمية بمكان التوعية والتثقيف حول مخاطر الاستعمال غير القانوني لوسائل التأمين، وتشجيع المجتمع على الالتزام بالطرق القانونية والصحيحة للاستفادة من خدمات التأمين الصحي. كما يتوجب على الجهات المختصة تشديد الرقابة وتطبيق العقوبات على المخالفين لضمان حماية حقوق الأفراد، والحفاظ على سلامة النظام الصحي، وتأمين مستقبل صحي آمن للجميع».
محاور مختلفة
من جانبه، يؤكد كميل الراشد، وهو مختص في قطاع التأمين وإدارة علاقة الوسطاء، أن: استخدام التأمين الطبي لغير صاحبه، كما يجري حاليا بين الأصحاب أو المعارف على سبيل الـ«فزعة» قد ينتهي إلى ما لا تُحمد عقباه، وذلك لأسباب عدة بمحاور مختلفة قانونية، وطبية صحية، واقتصادية وتأمينية.
مخاطر الفزعة بالتأمين الطبي
1. قانونيًا:
ـ استخدام التأمين الصحي لشخص آخر يُعد تلاعبا/احتيال تأميني (Insurance Fraud).
ـ يترتب عليه مسؤولية على الشخص الذي أعطى بطاقته لآخر، وعلى مستخدم البطاقة، وأحيانًا على المقدّم الصحي إذا كان يعلم، ويمكن أن ينتج عن ذلك:
ـ إلغاء الوثيقة التأمينية.
ـ إدراج المؤمن له في قوائم «عالي المخاطر».
ـ رفض المطالبات المستقبلية.
ـ مساءلة نظامية حسب النظام السعودي (نظام الضمان الصحي والأنظمة ذات العلاقة).
2. طبيًا وصحيًا:
ـ الملف الطبي يُسجّل على صاحب البطاقة وليس الشخص الحقيقي، ينتج عن ذلك:
ـ تاريخ مرضي غير صحيح للمؤمن له.
ـ أدوية وتشخيصات لا تخصه.
ـ مخاطر مستقبلية في أي تقييم طبي أو تأميني أو حتى عند انتقاله لشركة أخرى.
ـ الشخص الذي استخدم بطاقة غيره قد ما ينكشف اليوم لكن بالنهاية:
ـ لن يكون هنالك استمرارية رعاية صحية (follow-up).
ـ في حال لو حصلت مضاعفات بعد الخروج من المستشفى، لا يوجد ملف رسمي واضح.
3. اقتصاديًا وتأمينيًا:
ـ هذا السلوك يرفع نسبة الخسائر الطبية (Loss Ratio) على شركات التأمين، وينعكس ذلك في:
ـ ارتفاع أسعار الأقساط على الجميع.
ـ تشدد أكبر في الاكتتاب (Underwriting) ومطالبات التعويض.