غزت الأخبار الكاذبة مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف اللغات، منذ اللحظات الأولى التالية لانفجار بيروت، سواء لتعزيز موقف سياسي أو تحليل أمني، أو لمجرّد جذب التفاعلات على منشورات غير صحيحة توظّف تعاطف المستخدمين حول العالم.

سبب الانفجار

بدأ التحقيق في ملابسات الانفجار، لكن قامت حسابات وصفحات مستخدمين لمواقع التواصل باللغة العربية بإشارة أصابع الاتهام إلى إسرائيل.

ومن أول الأخبار الكاذبة:

1- ما نسب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، إذ تناقل باللغة العربية تصريح أدلى به على أنه جاء تعقيبا على الانفجار وقال فيه "لقد ضربنا من يستهدفنا".

لكن الحقيقة أن نتانياهو أدلى بهذا التصريح قبل ساعات على انفجار مرفأ بيروت، إثر إحباط عملية زرع عبوات ناسفة قرب الحدود في مرتفعات الجولان المحتلّ، نفّذتها إسرائيل، وليس تعليقاً على ما جرى في المرفأ.

2- بعد أقلّ من ساعة على الانفجار، ظهر على مواقع التواصل باللغة العربية لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يتحدّث عن استهداف أسلحة لحزب الله في مرفأ بيروت، وانتشرت لنتانياهو أنه يرفع في الأمم المتحدة قبل عامين خريطة على أنها تظهر موقع مرفأ بيروت.

لكن الموقع الظاهر في الخريطة لا علاقة له بمرفأ بيروت الواقع على المدخل الشماليّ للعاصمة، بل هو منطقة مجاورة لمطار رفيق الحريري الدولي عند المدخل الجنوبي لبيروت، على بعد ما يقارب عشرة كيلومترات عن المرفأ.

وكان نتانياهو يتحدّث في كلمته تلك في الأمم المتحدة عن "مواقع سريّة" تابعة لحزب الله اللبناني فيها مقذوفات "موجّهة نحو المطار"، ولم يأت على ذكر مرفأ بيروت.

صواريخ وطائرات مسيّرة

1- نشر على مواقع التواصل في لبنان وخارجه مقاطع فيديو قيل إنها تُظهر طائرات مسيّرة أو صواريخ تضرب المرفأ.

وترافقت مع أخبار وشهادات لأشخاص قالوا إنهم سمعوا صوت طائرات حربيّة قبيل الانفجار.

وأعلن الجيش اللبناني أن هناك طائرات بالفعل بين الرابع والخامس من أغسطس فوق عدد من المناطق بينها بيروت وضواحيها، لكنه لم يأت على ذكر دور لهذه الطائرات في انفجار المرفأ، علماً أن الطيران الإسرائيلي يجوب الأجواء اللبنانية بشكل مستمرّ.

2- ظهر فيديو لطائرة مسيّرة يدّعي ناشروه أنها ألقت جسما مجهولا قبل انفجار المرفأ، وانتشر المقطع على مواقع التواصل بلغات عدّة منها العربية.

لكن هذا الفيديو نشرته وسائل إعلام لبنانية في 30 يوليو 2020 قبل أيام من انفجار المرفأ، بعنوان "تحليق طائرتي درون للعدوّ" في جنوب لبنان.

3- انتشر فيديو على مواقع التواصل بالعربية، قيل إنه تصوير حراري يُظهر صاروخاً ضرب المرفأ قبل لحظة الانفجار.

لكنّ المقطع متلاعب به بحيث بدّلت ألوانه وأضيف إليه صاروخ.

أهوال الكارثة

1- انتشر على مواقع التواصل بلغات كثيرة من العربية ووصولا لإندونيسيا، على أن الانفجار كان لسيارات مستوردة احترقت في مرفأ بيروت، لكنها في الحقيقة التقطت عام 2015.

2- تم تداول صورة حفرة قيل إن الانفجار أحدثها، لكن الصورة أيضا، في مستودع للمواد الكيميائية انفجر عام 2015.

التضامن مع لبنان

1- أثارت الكارثة التي حلّت ببيروت تضامناً واسعاً عربياً وعالمياً، لكن الأخبار التي انتشرت على مواقع التواصل وبعض المواقع الإخبارية عن إضاءة في مصر أو في تونس أو في سورية بألوان العلم اللبناني هي أخبار غير صحيحة، والصور المرفقة بها إما مركّبة بمعظمها، أو قديمة ملتقطة في مناسبات سابقة.

2- انتشرت أخبار وصور ومقاطع عن إرسال الرئيس السوري بشار الأسد إلى لبنان، أو لبنانيين في سورية، أو تجتاز الحدود بين البلدين لدخول المشافي السورية، لكن هذه المنشورات غير صحيحة.

3- وفي ظلّ حرب الأخبار الكاذبة بين مؤيدين ومعارضين للسياسة التركية في المنطقة، انتشر خبر مفاده أن صوامع القمح في مرفأ بيروت التي ظلّ جانب منها قائماً رغم الدمار الكبير الذي لحق بها، هي من إنجازات الدولة العثمانية، لكن هذه الصوامع شيّدت في أواخر الستينات من القرن العشرين، أي بعد نصف قرن على انتهاء الحكم العثماني للبنان.

جذب التفاعلات

ظهرت أخبار كاذبة لجذب تفاعلات مستخدمي مواقع التواصل في العالم بمعزل عن أي بعد سياسي منها:

1- مقطع قال ناشروه إنه آخر ما صُوّر لطفلة عمرها ثلاث سنوات توفت في الانفجار وهي تؤدي أغنية من زمن الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، لكن الفتاة في الفيديو ليست من ضحايا الانفجار الذين توفوا وهي لا تزال حيّة.

2- انتشار صورة تظهر اثنين من ضحايا الانفجار على الأرض، لكنها في الحقيقة عمل نشره فنان أمريكي قبل انفجار مرفأ بيروت بنحو أسبوعين.