هو من رواد الإعلام والفن السعودي الحديث، كان من الذين شاركوا بإبداعاتهم في بدايات ‏الإذاعة والتلفزيون في خمسينيات وستينيات القرن الميلادي الماضي. ‏كان (مطلق الذيابي) مذيع الأخبار الرسمية بالتلفزيون، أعد وقدم العديد من البرامج ‏الثقافية، إلى جانب عمله الإذاعي والتناغم مع المستمع ‏كونه الفنان الذي يلحن ويغني باسم فني هو (سمير الوادي).

نبرات دافئة

مارس الفن تحت الاسم ‏الفني الذي اختاره (سمير الوادي)، ورأس قسم الموسيقى في (إذاعة ‏جدة). تميز صوته بنبرات دافئة رخيمة، تشبه نبرات الفنان محمد عبدالوهاب. كان ينتشي بنغم عوده في كل ما كتبه من ‏قصائد لحنها وغناها، أبرزها أغنية (المقناص) كلمات (فراج ‏القرقاح)، و(مغني من ذوات الريش غنى) كلمات (محمد ‏الأسمر) وغنتها هيام يونس فيما بعد، كما قدم الذيابي ‏«أوبريت» جمعه بالفنان (سعد عبدالوهاب) بعنوان (موكب الهجرة) في (إذاعة جدة). شاعر جميل كتب ‏الكثير من القصائد غير المغناة، إلى جانب ما كتبه من أغنيات لحنها لنفسه ‏ولغيره من الأصوات، ومن عيون قصائده (صرخات شوق ‏مكتومة) أهداها للأمير الراحل محمد بن عبدالعزيز.‏

جهد ربع قرن

في الإذاعة انطلقت إبداعات مطلق الذيابي على مدى أكثر من ربع قرن، أعد وقدم نحو 40 برنامجا من البرامج الأدبية ‏والثقافية، وبعض البرامج الفنية، وكان من أشهرها (سهرة المنوعات) ونماذج ‏فنية في عام 1970، وبرنامج (أراجوزالعيد) وهو برنامج ‏منوع خاص بالأعياد، إضافة إلى برامج (قصة الأسبوع)، و(ثمرات الأوراق)، ‏و(ومضة)، و(سهرة الأربعاء)، و(مجلة الإذاعة)، كما قدم للإذاعة الكثير ‏من البرامج من إعداد غيره من الزملاء مثل (ملح وطرائف) لـ(إبراهيم ‏فودة)، و(دائرة المعارف الإسلامية) لـ(أحمد محمد جمال)، و(مائدة الروح) ‏من إعداد (محمد الجعار)، و(رسالة المسجد) من إعداد (عبدالصبور ‏مرزوق).‏

من البادية

أكثر برامجه جماهيرية هو برنامج (من البادية) وعن ذلك ‏يقول زميل مشواره الدكتور محمد أحمد صبيحي، كان وجود (الذيابي) يملأ الإذاعة ‏حضورا وفنا ونجاحا وجماهيرية، فهو كمقدم برامج كان أنجح من تعامل بل ‏وصنع نجاح البرامج التفاعلية مع المستمع، ودليل ذلك نجاحه في برنامج ‏‏(من البادية) في الخمسينات الميلادية، لدرجة أن ساحة الإذاعة ‏في طريق المطار القديم أمام (فندق الكندرة)، تمتلئ يوم بث البرنامج ‏بالشعراء الشعبيين الراغبين في المشاركة أو لرؤية (مطلق) وعرض ‏أشعارهم عليه، كان يعطي هذا البرنامج جل وقته وجهده رغم ‏وقوفه على إعداد وتقديم الكثير من البرامج، وقد يرى البعض أن البرنامج كان علامة فارقة في تاريخ الإذاعة ‏لما فيه من تنويع لأدب أهل البادية وعرض أشعارهم وفروسيتهم، وظهرت من خلف ستار هذا البرنامج أسماء عديدة وقوية كـ(خلف بن هذال)، ‏و(جار الله السواط)، و(ناصر القتات)، و(مطلق الثبيتي)، و(محمد سعيد ‏الذويبي) وآخرين.‏

فنجان شاي

قدم مطلق الذيابي للإذاعة السعودية في عصرها الذهبي، مقطوعات‏ موسيقية من تأليفه، ومنها (الغالي)، (تغريد البلبل)، ‏‏(ندى)، (وفاء)، (لقاء)، (أحلى المُنى)، (رقصة النخيل)، (فنجان شاي)، ‏‏(بهجة الذكرى)، (يا هلا). وكانت له حروف وإبداعات نثرها في ‏الصحافة المحلية في قالب كتابات أدبية، إلى جانب كتاباته في الشأن الاجتماعي ‏العام، فنشاطاته لم تكن منحصرة في خندق إبداعي واحد بل كانت طائفة في ‏آفاق واسعة لا حصر لها.‏ في التلفزيون ‏كان يقدم من تلفزيون جدة وقتها نشرات الأخبار بالتناوب مع مذيعي تلك الحقبة الكبار، ومنهم ‏الدكتور محمد أحمد الصبيحي، وبدر كريم، ومحمد حيدر ‏مشيخ، وعبدالرحمن يغمور، قبل أن يطل الدكتور حسين ‏نجار وبكر باخيضر.

ألحان

في سطور الذاكرة لقاء مهم لمطلق الذيابي جمعه بموسيقار الأجيال محمد ‏عبدالوهاب الذي أبدى إعجابه الكبير بالكثير من إبداعات الذيابي وألحانه ‏التي تغنى بها العديد من الفنانين العرب أمثال (وديع الصافي)، والفنان ‏الأردني (إسماعيل خضر)، (عايدة بوخريص)، (صدقه مراد)، و(عادل ‏مأمون)، و(حسن السيد)، (سعد عبدالوهاب)، (محرم فؤاد)، (محمد ثروت)، ‏‏(فهد بلان)، و(نجاح سلام)، (هاني شاكر). كما لحن لكل من إبتسام لطفي، وشريفة ‏فاضل، ومحمد قنديل، وهيام يونس، وطلال ‏مداح، ومحمد عبده.‏

أطياف العذارى

كان الذيابي عضوا نشيطا وفعالا في نادي جدة الأدبي بجدة، يأنس بحديثه الحاضر والسامع، وصدر له ديوانا شعر هما (أطياف العذارى) عن نادي جدة ‏الأدبي 1981، و(غناء الشادي) الذي صدرعام 1984. وهناك كتاب حمل عنوان ‏‏(الذيابي تاريخ وذكريات)، صدر عن أدبي جدة عقب وفاته، تناول فيه الشاعر الشريف منصور بن سلطان فصولا من سيرة الذيابي في دنيا الإعلام والأدب والفن. وجهت دعوة للذيابي من قبل وزارة الإعلام في ‏اليمن لزيارة صنعاء، ولبى الدعوة مع (فرقة الإذاعة والتلفزيون ‏الموسيقية) وقدم من فنونه وإبداعاته ما يعتبر تشريفا للأدب والفن السعودي.‏ ورحل الأديب الشاعر الفنان مطلق الذيابي عام 1982 إثر نوبة قلبية مفاجئة، ‏وهو لم يتجاوز الستين عاما تاركا فراغا ثقافيا كبيرا.‏

قال عنه طاهر زمخشري: ‏

شاعري له الموازين أوتار

ومن رجعه تضيء النجوم

وبأفكارك الشوارد يجـري

وهو فيض نواله تكريم

بلسان يرقرق القول شدواً

وكمان به تشافت كلوم

وقال فيه أبو تراب الظاهري:‏

أمطلق كنت فينا لحن حب

سمير الوادي تأتي بالعجاب

لك النبرات تجلو حلو معنى

فترسلها بأوتار عذاب

نبغت مبرمجا ورققت شعرا

وحرت بعفة مثل الشهاب

رأيتك قبل موتك جئت تزجى

تحاياك الجميلة كالملاب

مطلق ‏مخلد حبيب الله الذيابي الروقي العتيبي

- ولد في الأردن عام 1927 حينما كان والده يعمل في التشريفات الملكية بقصر ‏‏الملك عبدالله بن الحسين

- تلقى تعليمه بالأردن ‏والتحق بالجيش كمتطوع عام 1941 لمدة خمس سنوات

- واصل تعليمه على يد والده في قصر عبدالله ابن الحسين

- ‏عادت عائلته إلى السعودية واستقرت في مكة المكرمة ‏

- شغل منصب وكيل الجوازات والجنسية في مكة

- التحق بالمديرية العامة للإذاعة ‏والصحافة والنشر

- انتسب للعمل مذيعا ومقدما للبرامج في (إذاعة مكة).‏