على مساحة 2500 متر مربع تقع مزرعة أرز في قرية مملح بمحافظة المجاردة في جنوب السعودية.

بدت زراعة الأرز مشروعا جديدا وغير مألوف في تهامة، لكنه يبدو مشروعا واعدا، حتى وإن دارت حوله بعض التساؤلات.

يقول مالك مزرعة «غصن» الريفية في المجاردة عمر محمد الشهري، إن «زراعة الأرز في تهامة من الزراعات الجديدة، لكنها تبدو واعدة، وإن كانت بحاجة لبعض المساعدات بما يضمن الاستمرار فيها، ونجاح التجربة».


ويضيف «الفكرة الأساسية هي تقديم منتج نوعي في المنطقة».

تحديات وإرادة

لا تبدو زراعة الأرز عملية سهلة، حيث يؤكد الشهري أن حصاد المحصول يشتمل على عدد من المراحل، منها قطع المحصول، ونقله، وتذرية الحبوب، وتنظيفها، وفصل الحبوب عن القشور، ثم تنظيفها من خلال إزالة الشوائب من الحبوب.

وتابع «يمكن أن تتم هذه العملية يدويا أو آليا باستخدام معدات متخصصة، لكنها لا تتوفر لدينا حاليا، وأتمنى أن أجد الدعم من وزارة البيئة والمياه والزراعة لتوفيرها بما يساعدنا في مرحلة الحصاد».

فكرة السنوات السبع

شدد الشهري على أن «راودتني فكرة زراعة الأرز منذ سبع سنوات، خصوصا أنني كنت أريد منتجا يلبي احتياج السوق المحلي، ويكون ذا مردود مالي جيد، وهو ما دعاني إلى خوض هذه التجربة».

وتابع «لم يكن الأمر سهلا، فعدم وجود مرجعية موثوقة كانت من أبرز المعوقات، كذلك ملوحة الأرض التي تؤثر على كثرة وجودة الإنتاج».

وبتفصيل أكثر، ذكر أن ملوحة المياه EC تصل أحيانا من 1000 إلى 1050، لكنه أشار إلى أن التربة الطينية إجمالا تمتاز عن التربة الرملية في موضوع استهلاك المياه؛ حيث يسقون الأرز كل أربعة أيام فقط.

نوع ملائم

في معرض رده على أن كثيرين يعتقدون أن الأرز يحتاج إلى استهلاك كميات كبيرة من المياه، قال «اعتمدنا زراعة الأرز البنغالي، ولأن الأرض طينية فإن نسبة الرطوبة تكون عالية فيها عند سقايتها مرة كل أربعة أيام».

وأضاف «لا يتوقف الأمر عند هذا، فنحن كذلك نعتني بالأرض قبل الزراعة، حيث يتم تسميد الأرض بالسماد العضوي بحيث نضمن رطوبتها بشكل أفضل، مما يساعد في تقليص الحاجة إلى الري».

وتابع «لا تتوقف عند العناية فقط قبل الزراعة، فثمة عناية يجب أن تبذل خلال الزراعة وأثناء وبعد الحصاد، فمثلا قبل الزراعة تحتاج الأرض إلى تهيئة من خلال تنظيفها من الأعشاب والحشائش، وإضافة الأسمدة العضوية، وخلال الزراعة تحتاج إلى بعض الأسمدة النيتروجينية مثل اليوريا للمساعدة في النمو الخضري، ثم تأتي المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الحصاد والتي تحتاج إلى أجهزة خاصة (غير متوفرة لدينا حاليا) تفصل حبوب الأرز عن القشور».

مفاضلة المناطق

يبين الشهري أن زراعة الأرز تنفع في مناطق، ولا تنفع في أخرى، مبينا أنه «يمكن زراعة الأرز في المجاردة مع بداية فصل الخريف لأنه لن يستهلك كمية من المياه، كما تساعده برودة الأجواء نوعا ما وعلى الأخص في بداية زراعته».

وتابع «أما في المناطق المرتفعة في تهامة فيمكن زراعته مرتين في السنة، واحدة بداية فصل الصيف، وثانية بداية الخريف»، مؤكدا أن زراعة الأرز لا تنحصر فوائدها فقط في الأرز، وإنما يستخلص منه العلف، ويعد غذاء لتسمين المواشي لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين، كما يمكن الاستفادة من قشور ونخالة الأرز كمصدر ألياف غني للمواشي.

هل تكون ميزة نسبية

يتساءل الناشط البيئي، المهتم بالمجال الزراعي سعيد السهيمي، عما إن كانت وزارة الزراعة ستعد تجربة زراعة الأرز في محافظة المجاردة ميزة نسبية للمحافظة، وبالتالي ستدعمها أو لا.

كما تساءل كذلك عن كيفية احتساب استهلاك المياه في هذه الزراعة، وهل تم حسابها بشكل دقيق؟

وقال «ففي نظرنا نحن كمزارعين ومحبين للزراعة نرى أن زراعتنا للأرز في المحافظة غير مستهلكة كثيرا للمياه، ولكن ربما يكون للوزارة حسابات أخرى، وكل هذه النقاط مهمة جدا في زراعة الأرز ولا بد من البحث فيها».

وتابع «في كل الأحوال، يعد الأرز ثروة من ثروات بعض البلدان، وعلى الأخص في شرق آسيا ومصر، وهو يعد منتجا اقتصاديا مهما ذي صلة بالأمن الغذائي».

وشدد على أن زراعة الأرز في تهامة تبقى تجربة متميزة، تستحق الاهتمام، مع التأكيد على معرفة كمية المحصول؟ وكم بلغت نفقاته؟ وكم تحقق من عوائد؟ وكم قيمة المنتج في السوق؟ وما هو مقدار كميته المنتجة؟ واصفا كل ذلك بأنه يحتاج إلى حسابات كثيرة حتى يمكن الحكم أن زراعته مجدية، وهل هي أوفر من المستورد أو أكثر منه قيمة غذائية.

وختم «كل هذه المعلومات مهمة جدا، وحبذا لو تم التأكيد عليها حتى نستطيع القول إنه يفترض تعميم زراعة الأرز في المنطقة كاملة».