كان لضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار، ابنان أحدهما يدعى سعد والآخر سعيد، وذات يوم خرج ضبة يرعي مع أبنائه في الليل، فتفرقت منه بعض الإبل، فأرسل ابنيه للبحث عنها، فتفرقا الاثنان وذهب كل منهما في طريق، ووجدها سعد فردها إلى أبيه وعاد مسرعًا.

أما سعيد فظل ماضيًا في طلبها يبحث عنها يمينًا ويسارا، ولكن دون فائدة، ولما ضل طريقه في الليل لقيه الحارث بن كعب، ووجد عليه بردان، فسأله أن يأخذهما، ولكن أبى الغلام أن يعطيهم له، فقتله وأخذهما.

ولما تأخر سعيد في العودة جزع أبيه عليه جزعًا عظيمًا، وظل ينتظره، ويتوقع رجوعه، فكان كلما رأى أحد في الليل، قال: أسعد أنت أم سعيد؟ فأصبحت كلمته هذه مثلًا يتناقله الناس.

ثم إن ضبة ذهب إلى الحج، ولما وصل إلى عكاظ لقي بها الحارث، ووجد عليه بردي ابنه سعيد، فعرفهما، وذهب يسأله عنهما عله يعرف ما جرى لولده، فقال له: ما أحسن هذين البردين، من أين جلبتهما؟ فقال الحارث: هما لغلام قابلته في الليل، وطلبت منه أن يعطيني إياهم، فلما رفض؛ قتلته وأخذتهما.

فاشتعل الغل والحقد بقلب ضبه حينما وجد نفسه بصدد قاتل ابنه، وقال للحارث: أقتلته بسيفك هذا؟ فقال الحارث: نعم، فطلب منه ضبه أن يرى السيف وأوهمه أنه معجب بصرامته.

فلما أخذه من يده هزه وقال: إن الحديث ذو شجون ثم ضربه به فقتله، وقد وقعت هذه الحادثة في الشهر الحرام، فلامه بعض الناس على قتل الرجل في ذلك التوقيت، فقال لهم سبق السيف العذل!