قرنان من العطاء والإنجازات عاشتها الصحافة الورقية أحيت مئتي عام بكثير من الأحداث والأخبار والتحقيقات والمقالات، وما زالت تواصل عملها، رغم تقدمها في العمر، مؤكدة للجميع أن تقدم السنين ليس عائقاً أمامها في الحفاظ على نشاطها وقوتها؛ بل سينعكس ذلك على مزيد من التألق في هيبتها وحضورها أمام المولود الجديد المسمى الإعلام الجديد.

يقال أن تحظى بثقة الآخرين خير لك من أن تحظى بحبهم. للثقة هنا في الصحافة الورقية وقفة تحتاج إلى تأمل، على مدار القرنين الماضيين استطاعت تحقيق كثير من الثقة في نفوس قرائها، باحترامها للقارئ، وأثبتت قدرتها وإخلاصها وتفانيها في تقديم المادة المتميزة البعيدة عن التحديثات.

كثر السؤال في الآونة الأخيرة عن قدرتها الصحية والعقلية بسبب التقدم في العمر، هل لها القدرة على مواصلة العطاء؟ أم ستتعرض لوعكة صحية تؤدي للوفاة؟ هنا تباينت الآراء بين من تنبأ برحيلها وعجزها وإصابتها بمرض عضال.

الإنسان لا يموت بموت جسده، أو يقف عاجزاً أمام مرضه العضال، كم من قصة مرت على مسامعنا أو نراها. العمل والعطاء يقاسان ليس بالشكل، بل بالمعنى.

التجربة التي قدمتها الصحافة الورقية منذ نشأتها خير برهان على بقائها واستمرارها في العطاء، بنقل الأحداث والأخبار ومشاركتها هموم المجتمع، كما أن لها القابلية للتعايش مع كل زمن بظروفه، وتاريخها يشهد لها بذلك. بدأت برسائلها المكتوبة على ورق البردي إلى ما انتهت إليه في الورق الذي بين أيدينا. وكان لأدواتها النصيب الأكبر في التطور.

البدايات كانت بأدوات بدائية تستخدم في النقش على الحجر، ونهايات، وليست هي نهاية، وصلت إلى آلات حديثة متقدمة. يبقى القديم هو الأجمل دائما مهما كان، ويبقى هو الأساس، فالجديد لا يستطيع أن يتخطى عمر القديم ، كلاهما طريق، ومسار الإعلام الجديد سيمضي في طريقه الجديد بلا شك، والإعلام القديم سيبقى الطريق الأكثر أماناً وثقة للسائر، رغم حداثة الجديد وشكله.