في عالم كرة القدم، هناك ما يعرف بالتسديد على إحدى الزاويتين العلويتين، وفي حال دخلت الكرة للمرمى يسمى «هدف في الـ90»، وتعتبر هذه التسديدات من القرارات العالية المخاطر، جدا، والتي يتخذها اللاعب كآخر الحلول، لأن خطر ضياع الكرة أو اصطدامها بـ«القائم» كبير جدا، ولا يتقنها إلا «واحد دون واحد»، ومما يجعل هذا اللاعب يضطر لاتخاذ هذا القرار، هو أن هذه الزاوية هي أصعب نقطة يستطيع حارس المرمى التحكم بها والسيطرة عليها.

في اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية الـ90، والذي أتى تحت شعار (همة حتى القمة)، نجني ثمار قرارات قام بها أمير التغيير وصاحب القرارات التي تشابه في محتواها التسديد على زاوية الـ90 في المباراة، فرغم أنها قرارات عالية المخاطر جدا، ولكنها تكون في أصعب نقطة، ولا يستطيع الحارس أو «من يكره بلادنا» تعطيلها، ولا يدركها إلا وقد وقعت أهدافها وهو يجر ذيول الهزيمة، ليعلم أنه لعب مع (فارس من فارس وحفيد فارس).

ومن تلك القرارات على سبيل المثال حينما ظهر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على شاشة التلفزيون وقال «سندمر التطرف ونعيش حياة طبيعية»، فالمستمع لهذا القرار يظن أنه مجرد «كلام» كما يخرج إلينا معظم قادة العالم بنفس هذه القرارات، ويقومون بتخصيص مليارات الدولارات لمحاربة التطرف، ويكتشفون أنه تم استغلال هذه المخصصات لدعم الإرهاب بطرق أخرى، أو حتى تجارة المخدرات أو الاتجار بالبشر، ويعودون هم والإرهاب في حرب جديدة ونهايتها «لا نتيجة».

ولكن قرار أمير التغيير لم يكن على مستوى ضخ الأموال أو فرض مزيد من التعقيدات ونقاط التفتيش والتمحيص، وعزل كل طائفة عن الأخرى، بل قال ببساطة «نريد أن نعود إلى ما كنا عليه»، ومن هنا عادت الألوان المشرقة إلى حياة المجتمع السعودي، فتحولت المبالغ التي كانت تضخ لبناء مزيد من «الصبات الأسمنتية» وزيادة ارتفاعها حتى لا يستطيع الإرهابي الوصول إلى «مكان عبادة فئة ما»، تحولت إلى مبالغ لدعم الثقافة والفنون بما فيها من الموسيقى والرسم والأدب والمسارح والسينما والحفلات العالمية، مثل (شتاء طنطورة) وباقي المواسم حول المملكة، وتحول الترفيه من مجرد التصوير مع «قرود الهدى» إلى ترفيه باحتراف، جعل العالم يقبل على الحصول على تأشيرة السياحة للمملكة بلا أي تفكير أو احترازات.

ورغم أن القرار عالي المخاطر لأنه يريد أن يمحو «فكرا» تغلغل في المجتمع على مدى قرابة الـ40 عاما، وأصبح البعض يتنفسه ولا يعيش إلا برائحته الكريهة، إلا أن تسديد الكرة على زاوية الـ90° بجعل المجتمع نفسه هو من يحارب الإرهاب والقتل والتنكيل والتكفير، وما يتبعها من زيادة في «تجارة المخدرات» و«الفساد المالي»، والتي كلها عدة أوجه لعملة واحدة تسمى الإرهاب، إلا أن تلك التسديدة جعلت من المستحيل الإمساك بها من قبل من يتبع ذلك التيار، بل وأهلك نفسه بنفسه، وأخذ يترنح خارج حدود هذا البلد، كما «الحنش» حينما يشعر أنه محاصر ولا فرار من قتله، فيظل يلدغ كل شيء من حوله محاولا البقاء، وهو لا يعلم أنه يترنح بسبب (تسديدات على زاوية الـ90°).