نحتفل اليوم بإنجازات نستذكرها لوحدة وطن توالت خلال التسعين عاما الماضية سبقها ثلاثون عاما من الكفاح والمعارك للمؤسس العظيم، الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، والذي ترسخ لديه إيمان عميق بأحقية استرداد دولة وتأسيس كيان.

كان ذلك كافيا ودافعا لخوض غمار الحروب التي لم تكن خيارا قابلا للتفاوض عند دخوله الرياض، إما حياة بانتصار أو الموت دونها، كان محركه الحقيقي، يرحمه الله، قوة داخلية هائلة، كانت كفيلة بتحقيق النصر مع ضعف الموارد وما كان يملكه من عتاد. كانت عظمة تحدياته بمقدار انتصاراته وشجاعته وقوة صبرة وعزيمته وإصراره العميق وإيمانه القوي بحجم رؤيته لتكوين دولة، وكان له ما أراد لتصبح المملكة اليوم وطنا شامخا يفتخر به كل مواطن سعودي.

تحقق النصر بفكر القائد الملهم صاحب الحق الذي عمل على كافة الجبهات من مجابهات وخوض غمار الحروب وتحقيق الانتصارات، ومن جهة أخرى كان يرسم لقيام وحدة دولة ووضع خططها وإداراتها ومواثيقها ومعاهداتها وتأسيس أجهزتها، إلى جانب اهتماماته بقضايا الأمتين العربية والإسلامية، والتي جعلها من أولوياته وخاصة القضية الفلسطينية، وإيجاد حل عادل يحقق للشعب الفلسطيني وطن يحفظ كرامته ويوفر له الأمن والأمان والاستقرار.

أرسى المؤسس الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، دعائم دولة مكتملة البنيان قوية الأركان ليسلمها لأبنائه الملوك المخلصين الأوفياء (سعود- فيصل- خالد- فهد – عبدالله) رحمهم الله جميعا وغفر لهم.

ونحن اليوم نحتفل بعامنا التسعين لوحدة مملكتنا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، نشهد دولة سعودية حديثة بتفوق أنظمتها وتحديث برامجها لتواكب متطلبات العصر، وإحداث نهضة تنموية شاملة تجسد رؤية القيادة وطموح وطن لتحقيق التنمية الشاملة للوصول للعالمية بكافة المجالات. إنها نتاج قيادة عظيمة في رسالتها وإنجازاتها يقف خلفها شعب مؤمن برؤية قيادته وأهدافها.

كما أننا اليوم في ضوء الرؤية لولي العهد المجدد القائد الملهم برؤيته في مسيرة النماء والتطور، بمكونه النادر من الخصال والصفات توارثها من جده المؤسس ووالده العظيم الملك سلمان، نرى انعكاساتها جلية عليه، ليعمل بكل الاتجاهات والجبهات، وينطلق بنضال من نوع آخر، يستقي من ذلك المكون قوة المنطق والحجة وقوة الإصرار برؤية طموحة لتأسيس دولة حديثة بكافة المقاييس، لتحقيق منجزات للوطن، وتعزيز النماء والتطور لكافة المجالات الصناعية والاقتصادية والتقنية وتطوير المنظومة التعليمية والصحية والاستثمارية والرياضية والترفيهية، وهذا ما نراه اليوم ملموسا على أرض الواقع، وانطلاق مشاريع سعودية ريادية للتنمية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، مما يرسخ دور ومكانة المملكة إقليميا وعالميا لتصبح من أهم دول العالم ريادة للمشاريع الضخمة، كمشروع نيوم والبحر الأحمر والقدية، إلى جانب ترؤسها لمجموعة دول العشرين. كل هذه الإنجازات نحتفل بها اليوم والتي هي منطلق للخير والنماء للأجيال المتعاقبة.

كما أننا نسترجع بيومنا الوطني تحولات لإنجازات تراكمية كل إنجاز يكمل الآخر ويستند إليه ليكون بنيانا هائلا راسخا لمسيرة الخير والنماء، أساسه متين، وأركانه ثابتة، وعلوه شاهق يمتد لعنان السماء.

إنها مسيرة لسياق متناغم متماسك عبر التسعين عاما لا يحيد عن قيم ومبادئ راسخة ثابتة منذ التأسيس تستقيم بمساراتها الداعية للحق والعدل والإنصاف يقودها سداد الرأي وسلامة المنطق والتي كانت المحرك الرئيس لجمع شتات القبائل المتناحرة وإصلاح أوضاعها لتمتد كما نراها اليوم لتصبح مكونا من قيم خالدة لوطننا وقيادته وشعبه نفاخر بها الأمم.

انطلقت رؤية المؤسس يرحمه الله لتوحيد شعب تحت راية واحدة باركها المخلصون من رجال القبائل والمواطنون الأوفياء، واليوم نحن برؤية ممتدة لقيادة حكيمة، يتضح التلاحم والوفاء بين القيادة والشعب في أجمل صورة، ويبذل كل مواطن ما في وسعه لحماية وطنه والمحافظة عليه والذود عن مقدساته، والمضي قدما بالعمل المخلص المسؤول الجاد لتحقيق أهداف التنمية.

تحولات وطنية نسترجعها اليوم عاصرنا بعضا منها، فتلك الأراضي القاحلة المغبرة الترابية الضيقة الصخرية نراها اليوم طرقا معبدة وجسور تشق مساحات واسعة من مملكتنا مكتملة الخدمات تصل إلى جميع القرى والمدن بمختلف المناطق.

وذلك الظلام الدامس للمساكن والطرقات، تحول اليوم إلى شبكة من المشاريع الجبارة لمحطات الكهرباء الضخمة وصولا للطاقة المتجددة يعمل على تشغيلها كوادر وطنية من المهندسين المهرة يرافق ذلك أعين ساهرة لحفظ الأمن والأمان بكافة مدن وقرى المملكة.

ومن توزيع المياه ببراميل تجرها عربات تسير في الطرقات الصخرية الترابية يُسمع دويها من مسافات، ليتراكض إليها الصغار لغسل أيديهم من مياهها المتسربة من فتحاتها الخلفية، واليوم ولله الحمد لدينا مشاريع جبارة للمياه والصرف الصحي وشبكات من التمديدات الحديثة المتطورة للمياه تصل لكافة مدن وقرى المملكة.

وتلك الأحياء العشوائية وما ينتشر بها من مساكن متهالكة وعشش في بعض المناطق، تتحول اليوم إلى مبان شاهقة، ومنازل خرسانية حديثة، تتوافر بها كافة الخدمات ووسائل الراحة لتحقق حياة كريمة للمواطنين.

ورافق التعليم تحولات جذرية من كتاتيب وانتشار الأمية وحرمان المرأة من التعليم إلى انطلاق منظومة متجددة للتعليم خلال التسعين عاما الماضية، ليصبح التعليم اليوم صرح للتميز والمعارف الحديثة في ظل رؤية 2030 والارتقاء بالبرامج وإحداث الإصلاحات في منظومة التعليم ومخرجاته للوصول لتعليم متوازن عالمي يتوافق مع مهارات القرن الـ21 ومع خطط المملكة وتوجهاتها التنموية.

كما أصبحت المملكة اليوم منارا للإصلاح ومصدر لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار لدول المنطقة والقضاء على الإرهاب في مكامنه، والمبادرة عالميا لتحقيق السلام وتحقيق السلم والاستقرار في المنطقة من خلال التكاتف والتضامن والتعاون مع دول العالم الراعية للسلام للقضاء على مختلف أنواع الإرهاب.

وتعد المملكة اليوم بمعالمها التراثية المعمارية التي تروي مسيرتها التاريخية بمختلف مناطقها، مقصدا ووجهه للزوار من مختلف بلدان العالم للاطلاع على ما تتميز به كل منطقة من معالم ثقافية وتراثية كالدرعية، والتي جمعت عمق التاريخ وأصالة الماضي مما جعلها معلما ثقافيا وتراثيا راسخا، ولاستحضار البطولات والانتصارات للأجداد لأكثر من ثلاثمائة عام، لنتذكر يوم التأسيس والتوحيد ونسترجع الماضي المجيد الذي استوطن أفئدتنا كسعوديين، مما جعل من الدرعية اليوم واجهة سياحية جاذبة للزوار من مختلف دول العالم نظرا لما تتميز به من حضارة وتراث أصيل منفرد.

والمرأة السعودية منذ التأسيس حاضرة بدورها تقف جنبا إلى جنب مع أسرتها وتدعم الرجل بكافة مناشط الحياة ولها مواقف مشرفة، وهذا ما نراه اليوم ونحن نحتفل بعامنا التسعين بتمكين المرأة السعودية ومشاركاتها على كافة الأصعدة وبكل المجالات، فالمرأة السعودية طاقة وطنية لديها من الكفاءة ما يؤهلها لتقلد المناصب الرفيعة لتساهم بما وهبها الله من قدرات وما ميزها به من صبر وتحمل للمسؤولية، وقدرتها على أداء دورها بكل اقتدار واتقان مما جعل إسهاماتها المميزة تجتاح العالم تعليميا واقتصاديا وثقافيا ودبلوماسيا، وتقف جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل لتحقيق نهضة للوطن بمنجزاته التنموية.

إننا ونحن نحتفل اليوم كسعوديين بمرور تسعين عاما على توحيد دولتنا العظمية بقيادتها وشعبها نحمل بدواخلنا من الولاء أعمقه ومن الوفاء أصدقة، ومن الحب المستأصل لقيادتنا فهم مصدر سعادتنا.

وكل عام ونحن برعاية ومحبة قيادتنا ننعم ونسعد.

حفظ الله دولتنا وأدام علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار.

وكل عام والقيادة والشعب بخير والإنجازات لوطننا المعطاء تتوالى.