منذ سنوات وأنا أكتب عن الأمير بندر بن سلطان مقالات، وبعد خروجه في مقابلات تلفزيونية مؤخرا بدأ الكثيرون يكتبون عن لقائه وحديثه، ولكن في هذا المقال لن أكتب عما قاله (الأسطورة) كما نلقبه لأنه اعتقد أن حديث الأمير بندر (كامل الدسم والنكهة) وقطع كل قول بعده، فلا يحتاج التعليق أو الإضافة عليه، لكن سأكتب من زاوية أخرى!

تحدثنا عن السفارات والسفراء والدبلوماسيين وكنت أذكر كثيرا السفير بندر بن سلطان كمثال أعلى يجب أن يقتدي به سفراؤنا الحاليون، كان البعض يتحجج بأن لكل زمان رجال، وأن الظروف الحالية لا تناسب طريقة الأمير وأن ظروف الأمير بندر سابقا في وقته وخدمته إلخ..، لكن كنا نرد ونقول الأصيل أصيل مثل الجوهر النادر كلما عتق كلما زادت قيمته وندرته، وهذا الأمير بندر أثبت هذا الكلام وخلال دقائق معدودة نسف حملة سنوات، وخلال جملة واحدة وباختصار قصف ادعاءات لسنوات وأرجع كل إلى حجمه الطبيعي، بينما هناك أناس منذ زمن تكتب وتحلل ولم تصل بعد لصورة وتشبيه واحد من (السلطة الخامسة) كما كان يطلق على الأمير في أمريكا.

بل على العكس اعتقد أن الدبلوماسيين الحاليين والسفراء عندهم إمكانات ووسائل بسبب ثورة الاتصالات والتواصل الاجتماعي أكثر من السابق وأكثر مما كان عند الأمير بندر في وقته، لكن بعضهم لم يستغلها إذن المشكلة في مؤهلات ومهارات أشخاص وسفراء - دون تعميم - وليس في الإمكانات والظروف !

دائما أسأل السؤال التالي لماذا ليس لدينا سفراء ودبلوماسيون مثل الأمير بندر وغازي القصيبي والشبيلي والمنقور وعادل الجبير، رغم شح الظروف والإعلام على وقتهم فإنهم كتبوا أسماءهم بماء الذهب؟ لأن أفعالهم أعلى صوتا من أقوالهم.

دائما ما يهاجمونني شخصيا (أن لا أحد يملي عيني من السفراء إلا الأمير بندر)، وهذا صحيح، لكن أليس من الأفضل لك أن تجعل أبا خالد مثالا وتسعى لتطوير نفسك وتكتب اسمك في لائحة سفراء و دبلوماسيي المجد بدل التهجم على الفقير لله.

يقول دون ادامز «الحقائق أشياء عنيدة، ومهما كانت أمنياتنا أو رغباتنا أو ما تمليه علينا عواطفنا فهي لا تستطيع تغيير حالة الحقائق والبراهين» أيها الدبلوماسي أو السفير العزيز اسأل نفسك ومن حولك هذا السؤال: هل يوجد الآن دبلوماسيون وسفراء بحجم الأسطورة أو غازي القصيبي أو الشبيلي أو المنقور؟ مثل ما قلت لك الحقائق عنيدة!

بعض الإخوة في الخارجية والسفارات هداهم الله يشتمون صفوق ومقالاته، يا أخي اشتغل على نفسك وطور مهاراتك فهذا أفضل لك وأفضل لمستقبلك من شتمي!

أنا لست ضد دبلوماسيين أو سفراء بل على العكس عندما رأينا أداء مميزا في رعاية الرعايا أثناء أزمة كورونا كتبنا ومدحنا هذا الجهد المشكور، لكن لنكن صريحين كان هناك دعم هائل من القيادة العليا ممثلة بسيدي خادم الحرمين وسمو ولي العهد ودعم من الأمير فيصل بن فرحان، لكن ماذا عن المهام الأساسية الثلاثة الأخرى التي ذكرناها في مقالتنا فهي تعتمد عليك أنت وعلى مهاراتك كدبلوماسي.

عندما أردد وأركز وأكتب كثيرا على تطوير أدائك كدبلوماسي أنا لست ضدك فأي تفوق لك هو تفوق لي كسعودي وللوطن، لكن لا تكون كما المثل (أنا أشير إلى القمر، وأحدهم ينظر إلى اصبعي) النقد هو من سيطورك ويصقلك ولا تأخذ الأمور بشخصنة أو تحسس، واترك عنك سوالف الوتس آب لبعض المتقاعدين الذين ودهم أن يصبحوا مستشارين !

دقيقة واحدة تصرفها على بناء نفسك أفضل من ألف دقيقة تستهلكها بمهاجمة منتقديك! يا عزيزي احرج منتقديك بأفعالك.

أعتقد أن السفارات والدبلوماسيين حاليا محظوظون فلديهم الآن وزيران من الجيل الجديد والدولة الآن في مرحلة تجديد ودفع للدماء الشابة ففرصتك أفضل، أنا أعرف أن الأمير فيصل بن فرحان يدعمكم ويدافع عنكم بشدة، وأعرف أن عادل الجبير يقدر الكفاح والعقليات المتفتحة وطريقه هو نفسه لم تكن ممهدة بل كافح بشدة حتى وصل لمنصبه، إذن ماذا تنتظرون؟ وعندكم أمثلة كبرى تسيرون على دروبهم!

سأعطيكم مثالا، لنفرض تخيلا لو رجع الله الدكتور غازي القصيبي أو الشبيلي وأصبح سفيرا الآن في هذا الوقت هل سينجح؟ لست أعلم الغيب لكن أعتقد نعم، لأنه سيتأقلم وسيصنع ظروفه بنفسه، أو كما يقول جي ستاين (نحن من نصنع مصيرنا)!

لنكن واقعيين، هناك - من وجهة نظري - مشكلة في مخرجات معهد الدراسات الدبلوماسية الذي يحمل اسما غاليا على السعوديين وعلينا شخصيا، يقول البعض إن المعهد يؤدي أدوارا وجهدا مهما، والرد بسيط: نحن علينا من المخرجات، وبصراحة حتى السفراء والدبلوماسيين من يملكون خلفية من خارج الوزارة أداؤهم أفضل نسبيا من موظفي الخارجية، لدرجة أنه بدأنا نشجع تعيين سفراء من خارج ديوان الوزارة، وهي موجة صاعدة حاليا، أعطيكم مثالا بسيطا للتوضيح، تصوروا صار لنا 19 سنة، من أحداث 2001 إلى الآن لا يوجد متحدث واحد يفهم العقلية الغربية مثل عادل الجبير!! بعض الدبلوماسيين يتعتع بالكلام أو بعضهم يترجم أفكاره العربية حرفيا للإنجليزية، ويريد أن يقنع جمهورا وإعلاما غربيا مختلفا كليا!، لو وضعوا مع عادل 3-4 ظلا له خلال 19 سنة الماضية، لكان لدينا الآن متحدثون لبقون يردون على الحملات التي تشن على المملكة بذكاء ودبلوماسية واقتدار!

نرجع لمقولة ما يملى عيني من السفراء إلا أبا خالد، أعطوني سفيرا خدم وأنجز وحقق نجاحات مثله، وأعطوني سفيرا كان يسمى السلطة الخامسة في أقوى دول العالم، وأعطوني سفيرا ليس هو فقط من يشع بل كان مدرسة لكل من حوله ويجعلهم يشعون معه، رجال كبار مثل رحاب مسعود وعادل الجبير وغيرهم، أعطوني رجلا متواضعا وعمليا يقول «من أراد أن يكون ولد شيوخ فواشنطن ليست المكان المناسب له، هذا النائب يريد إرضاء شيء ما في نفسه، نعطيه ما يريد ونأخذ ما يخدم مصلحتنا الوطنية»، للمعلومية ليس بيني وبين الأمير مصلحة ومجالي مختلف وهو مسؤول متقاعد، لكن يا جماعة الخير الحقائق عنيدة، وليس لدينا شبيه له ولو وجدنا أحدا يقارب أو يشبه أفعال أبا خالد لكتبنا عنه كتبا وليس مقالات فقط، وحتى ذلك الحين لا أحد يلومني أنا لا يملي عيني كسفير غير أبا خالد!