الأدوار التي تُنتظر من المؤسسات التعليمية كثيرة ومهمّة، ومن خلالها تُصنع التنمية والحضارة، وتُبنى الأجيال مُزودة بالعلم والمعرفة، والمسؤولية تجاه الوطن والمجتمع. ويُلقى على عاتق الكليات والجامعات، بمختلف أقسامها وفروعها مهام أساسية وحساسة. والجامعات في الدول المتقدمة عبارة عن منارات علمية بنّاءة، ومراكز أبحاثٍ وتطوير، وملتقيات تجذب إليها الخبرات والتجارب، في شتى العلوم وفنون المعرفة والتربية، وكذلك فهي محطات إنتاجٍ للخدمة المجتمعية والتطوعية، وذاتِ شراكاتٍ متينةٍ مع بقية مؤسسات الدولة، ومع قريناتها من مؤسسات التعليم والتربية والتأهيل، وتُمثل جزءا لايتجزأُ من منظومتها، والتي تُشكل في نهاية الأمر حفظ المكتسبات وبناء الأمم..

لكن وللأسف فالجامعات والكليات لدينا تمثل مبانى دراسية، يتم من خلالها الحصول على درجة علمية، وشهادةٍ تؤهل لسوق العمل والتوظيف، وماعدا ذلك فلا يمثل غير محاولاتٍ خجولةٍ للخروج من هذه الدائرة، إلى مهام أوسع وأكثر فاعليةً وبناءً.

وبالرغم من الميزانيات والمميزات المالية الضخمة التي تصرف من الدولة لهذه الكليات والجامعات، إلّا أنها لا تقدم ما يوازي تلك المبالغ، من حيث البحوث والدراسات العلمية الدقيقة، ومن حيث تهيئة بيئات تمتزج فيها تجارب، وخبرات المتقدمين في كافة المجالات، على مستوى العالم وتستفيد من ذلك، حتى من حيث التواصل والشراكة البحثية والعلمية، وغيرها فيما بين الجامعات في مختلف المناطق، وأيضاً فيما بينها وبين مؤسسات الدولة المختلفة. قد يكون الحصول على نتائج في مستوى الطموح والآمال، يحتم خصخصة هذا القطاع التعليمي الكبير والمهم، ولو على هيئة خصخصةٍ جزئيةٍ، عبر شراكاتٍ مع جامعاتٍ عالميةٍ ذات نجاحات وخبرات، لترفع من قوة تعليم الكليات والجامعات، وتحسن مخرجاتها وتزيد من فرص الاستثمار فيها، وتعمل على تشكيل أجهزةٍ إداريةٍ وأكاديمية عالية المستوى، ذات أهليةٍ تواكب التقدم المشهود في قطاعاتٍ عديدةٍ لدينا، وتندمج مع المجتمع وتتفاعل مع مقومات نهضته وتماسكه.