تعود التاريخ على بروز شخصيات معينة دائمًا ما تنهض ببلادها، وتعمل بجد على توعية شعبها، الأمر الذي جعل من هذا الشأن قاعدة دنيوية ثابتة، ونحن كسعوديين لم نشذ عنها، حيث برزت لدينا شخصيات أسهمت في تغيير كثير من السلبيات التي كان يعاني منها مجتمعنا، وأبرز هذه الشخصيات دون جدال، والتي تميزت بإحداث نقلة نوعية أرعبت كل كاره لهذا البلد، وأفرحت كل المحبين له، كانت شخصية الأمير محمد بن سلمان، الذي قام بفعل كنا نظن ونعتقد في حينه بأن حدوثه من سابع المستحيلات.

ولقد مارس هذا الدور الفعال بتوجيه مباشر ومتابعة مستمرة من لدن والده ووالدنا جميعًا خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي منح كثيرًا من الصلاحيات لابنه الأمير محمد، للعمل على تصويب السلبيات التي فيها مخالفة صريحة وواضحة للدين، قبل أن تكون فيها مخالفة صريحة وواضحة لغيره من الأعراف وأن هذه السلبيات لا تعدو عن كونها مجرد عادات وتقاليد لا تربطها بالدين أي صلة، كما كان يزعم كثير من أفراد «الصحوة» والمتأثرين بهم في وقت من الأوقات.

وأبرز ملامح هذه الإصلاحات أن أولها تمثل في محاربة الفساد بكل صرامة أيًا كان مصدره وأيًا كان مرتكبه وما حادثة «الريتز كارلتون» عنا ببعيد، والتي تم فيها التحفظ على كثير من كبار المسؤولين ورجال الاقتصاد، بل طال الأمر حتى بعض كبار أبناء الأسرة الحاكمة، مما شكل صدمة قوية داخليًا وخارجيًا على حدٍ سواء، حين تم اتخاذ ذلك الإجراء، وللعلم فإن هذا الإجراء المتعلق بالفساد ومحاربته مازال مستمرًا حتى يومنا هذا، تلى هذه الخطوة اتخاذ خطوات أخرى مهمة تتعلق بتحسين وضع المرأة ومنحها حقوقها التي يكفلها لها الشرع، وطرح أهمية تمكينها والعمل على رفع بعض المظالم التي كانت تعاني منها.

وأعقب هذه الخطوة اتخاذ خطوة لا تقل عن سابقاتها أهمية تتلخص في إظهار ولي العهد اهتمامه البالغ بشريحة الشباب ذكورًا وإناثًا، اهتمامًا تمت ترجمته إلى أفعال تمثلت في فتح الباب أمام المؤهلين منهم لتولي مناصب قيادية في شتى المجالات التي يقول واقع البلد إنه في حاجة ماسة لها، كما أنه اتخذ خطوات جريئة تتعلق بمظاهر أخرى حيوية، كالسياحة مثلاً، حيث تم الاهتمام بتنمية وتطوير المناطق المرشحة لأن تكون قبلة لكثير من السواح سواءً من الداخل أو حتى من الخارج، وكذلك أبدى اهتمامه الواضح والجلي بالمناطق الأثرية والعناية بها، والدليل على ذلك الاهتمام الكبير الذي منحه لمدينة «العلا» على سبيل المثال نظرًا لما تحتويه من تضاريس وآثار ومعالم تاريخية تمتلك جميعها كل العوامل الكفيلة بجذب كثير من الأفراد والمؤسسات المهتمة بهذا النوع من السياحة داخليًا وخارجيًا.

وجميع هذه المفاجآت التي أحدثها الأمير محمد بن سلمان، والتي أشرف عليها وعلى تطبيقها شخصيًا، جعلت من تشويهه وتشويه إنجازاته هدفًا رئيسًا عند كل من لا يريد لهذا البلد الخير والتقدم والازدهار، حيث أصبح جميع أعدائه وأعداء السعودية معه يحاولون جاهدين التقليل من حجم نجاحاته أو تحجيمها قدر الإمكان، والسعي الحثيث من قِبَلِهم لمحاولة النيل منه لتجريده من الشرعية الشعبية التي يتمتع بها، وللحيلولة دون تحقيق طموحاته التي أعلن عنها، إلا أن هذا المسعى فشل فيه أعداؤه فشلًا ذريعًا، مثلما فشلوا في محاولة أخرى لاحقة كان الهدف منها استدراجه ودفعه للدخول في حرب إقليمية مع زعيمة الإرهاب العالمي إيران، وذلك إثر اعتدائها السافر والجبان على بعض حقول النفط في السعودية، إلا أن هذا الشاب بحنكته وحكمته اختار الرد على ذلك العدوان بأساليب مغايرة، كان وقعها بفضل الله أشد تأثيرًا وأقسى ألمًا على إيران مقارنة بأي تأثير كان يمكن أن تحدثه أي مواجهة عسكرية مباشرة بينهما.

وبعد ثبوت فشل هذه المحاولة الخبيثة، توجه أعداؤه لمحاولة أخرى يائسة تدندن حول إرجاع أسباب قيام الحرب الحالية في اليمن إلى تهوره واندفاعه المزعوم، غافلين عن أن شعبه يعلم جيدًا أن السعودية كانت مستهدفة من قِبَل أطرافٍ عدة كانت تتخذ من اليمن قاعدة لها، الأمر الذي أجبر القيادة السعودية على خوض هذه الحرب التي تُشرعنها جميع أعراف ومواثيق القانون الدولي المتعلقة بأي تهديد يتعرض فيه الأمن القومي لأي بلد لخطر جدي ووشيك، كما ساهم أيضًا في شرعنتها قيام الحكومة اليمنية الشرعية المنتخبة والمعترف بها دوليًا بالتقدم بطلب رسمي موجهًا للقيادة السعودية يحثها فيه على التدخل عسكريًا لمساعدتها في دحر العدوان الحوثي الذي تجابهه وإفشال إنقلابه عليها، انقلابًا كان أكبر المحرضين عليه والداعمين له هي دولة الإرهاب المجوسي الصفوي إيران.

وفشلت جميع هذه المحاولات التي كانت ومازالت تستهدف شخص الأمير محمد بن سلمان، وتستهدف طموحاته يعود في معظمه إلى الحكمة والشجاعة والحنكة، والدراية السياسية التي أظهرها سموه، رغم صغر سنه وإلى الكم الهائل من الإنجازات السريعة التي تحققت في عهده، والتي كان هو عرابها الرئيس، مما جعل سحر المتربصين به ينقلب عليهم، حيث بدلًا من أن يجعلوا منه رمزا للتهور والاندفاع غير المدروس أصبح أيقونة عربية عظمى تنظر إليه كثير من الشعوب العربية بكل انبهار وإعجاب، بل وتطالب ساستها بالاقتداء به، وباعتماد منهجه في التغيير نتيجة النجاح الباهر المادي والملموس الذي حققه هذا المنهج سواءً على الصعيد الداخلي السعودي أو حتى على الصعيد الخارجي مما يمنح كل سعودي وسعودية الحق في الافتخار بكل هذه الإنجازات وبهذا الأمير الشاب الذي يسر الله على يديه أمر تحقيقها.