بدأ لبان مسيرته في عالم الفن مبكراً جداً. كان يشاهد أخاه (علي) الذي يكبره، يعزف على آلة سمسمية صنعها بنفسه، فبدأ تقليده بمداعبة أوتارها وهو في ‏السادسة من عمره، ولم يبلغ الثامنة حتى تمكن من العزف على آلة عود صنعها بنفسه، وهي عبارة عن خشبة مثبتة على جالون زيت، مزود بأسلاك معدنية مخصصة لصيد السمك. بعدها بفترة تعلم هو وأخوه سوياً العزف على عود حقيقي.

نشيد وطني

لم يكن للفن عائق في قلب يحيى لبان، ففي المرحلة المتوسطة كانت شقائق روحه العذبة تنتشر في كل مكان، تشارك ‏بعفوية في كل لحظة بالغناء، فقد شارك في بداياته وهو لم ‏يتجاوز الثالثة عشرة من عمره في حفل إدارة التعليم ‏بمكة وهو يؤدي أحد الأناشيد الوطنية بصحبة فرقة من عازفين بعمره. كان يمسك بالعود الذي يكبر حجمه ويضرب بالوتر ولا ‏تظهر منه سوى عينيه. شاركه يومها على آلة الكمان سامي أبو الخير وعلى الإيقاع أخوه يحيى أبو الخير. ابتهج الحضور الذين تقدمهم مدير التعليم آنذاك مصطفى العطار بالإضافة لزاهد قدسي الذي كان يعمل في قطاع التعليم، والذي ‏يعد أول معلق رياضي منذ بداية الحركة ‏الرياضية الرسمية في المملكة، بالنشيد الذي قدمه لبان.

قلم الأمير

أعاد يحيى لبان التجربة ولكن هذه المرة لم يكن من ضمن الحضور أعضاء التعليم فقط، بل كان على رأسهم الأمير أحمد بن ‏عبدالعزيز الذي شرف الحفل، بالإضافة إلى عدد من وجهاء المجتمع المكي. كان لبان ‏في الصف الأول المتوسط ولا يزال يتذكر ذاك الفناء الكائن بحي العزيزية بمكة ‏المكرمة والمخصص لإدارة التعليم، وكيف رسم إيماءات وملامح مشواره الفني. ‏وبعد انتهاء حفل التعليم وتكريم الطلاب المشاركين سأل الأمير أحمد مدير التعليم، أين الطالب ‏الذي كان يغني؟ وحين التقى به الأمير سأله، أين هديتك؟ فقال له لم آخذ هدية، فأخرج ‏‏الأمير قلمه الخاص وقال له: هذا القلم يا يحيى هديتك مني. عنى هذا القلم الذي كان ‏من نوع (باركر) المُذهب الكثير له.

وما زال يحتفظ به حتى الآن، مع الصحيفة التي كتبت (الأمير أحمد يهدي قلمه ليحيى لبان).‏

تأثير الأجواء

تأثر يحيى لبان بفناني مكة ممن سبقوه وأجواء المكان، كان يسمع لعمه محمد لبان حيث ‏كان فناناً معروفاً في مكة، يجيد أداء (المجس) وألوان الفلكلور كالدانات والصهبة ‏وغيرهما، لكنه لم يكن يجد له تسجيلات خاصة في ذلك الوقت، وتحصل عليها من مصر ‏حينما كان يسجل أغانيه هناك فيما بعد، كما كان لبان يحب في صباه حضور ‏المجالس الغنائية التي تصقل الموهبة، كان يحضر للفنان عبدالرحمن مؤذن «الأبلتين» في جلسات التراث، وكثيرا ما كان يُسأله عن عمه (محمد) لكونه فنانا قديماً ترك ‏أثره في الأجيال المتعاقبة.‏

ذيوع وانتشار

ذاع صيت يحيى لبان وبدأ الجمهور يتداول اسمه في المناسبات الخاصة بمكة ‏وجدة والطائف وأخذ يكون له جماهيرية خاصة، فسنحت له الفرصة بأن يشترك ‏في إحدى المناسبات بالتلفزيون السعودي، ويقدم أغنية من الفلكلور، فاختار أن يغني ‏من أغاني فوزي محسون، ولا يزال يتذكر كيف كان ظهوره عبر التلفزيون أواخر عصر الأبيض والأسود، وكان مدير التلفزيون في ذلك الوقت محمد حيدر وكان البرنامج خاصا بالهواة.‏

سافر لبان إلى الدول العربية لينشر فنه ومشاعره ‏الخاصة، وسجل مع (الفرقة الماسية) بالقاهرة عدة أعمال، كما شارك مع محمد عبده في ‏أكثر من مناسبة خارجية.

جوقة شعراء

غنى يحيى لبان لعدد من شعراء الأغنية ومن أبرزهم الأمير بدر بن عبدالمحسن في أغنية (قلب الضنى) من ألحان سراج عمر، ومن كلمات الأمير بدر بن فهد بن سعد قصيدة (لفتة الريم) التي لحنها (سامي إحسان). وكان إبراهيم خفاجي من ‏أوائل الداعمين له بكتابة معظم نصوصه الغنائية التي لحنها مثل أغاني (أقول للناس) (أنت فينك) (أيش بقالك) (بارق أمل) (جيدك الفضي) (شي في خاطري) (قايم من النوم) (قوليها) (ويش يقولون) (يا قمر غادي) (ياما اشتكيت). وغنى عددا من الأغاني لأمين قطان، منها (إحساسي بيك) (أسمر بخال) (القمري). ولهاني فيروزي غنى (حنا قد القول) (سامحني) (يا أغلى الشهور)، ولمطلق الذيابي قصيدة من ألحانه بعنوان (دعني أغني)، كما تعاون مع صالح الشادي في أغنيتي (ما ألومها) و(يا عازف العود)، وغنى لأسعد عبدالكريم عدة أغان منها (أسد الجزيرة) و(لو تغيب) و(قلبي خالي) من ألحان (عبدالله مرشدي). وأنشد لسعود سالم (أضنى فؤادي) و(عيد النظر)، ومن كلمات طاهر حسين وألحانه غنى (كنت أحبك).

تعدد ألحان

لحن أغنية على لون (المجرور) الطائفي بعنوان (من نظرة هويته) من كلمات (عوض الزهراني). وله أغنية (يا جدة أنت القمر) من كلمات معتوق البكري وألحان هاشم بيطار، الذي لحن له أغنية أخرى هي (أخشى على حبي). ومن ألحان سراج عمر غنى (يا سلام الله) من كلمات ريم الصحراء، وأغنية (يا شبيه اللي في بالي) من كلمات عبدالله الجارالله. وغنى من ألحان محمد المغيص (اعترفنا وافترقنا) من كلمات مصطفى زقزوق، وأغنية (ما قلت لك) من كلمات (نجيب بطيش). وخاض تجربة في تلحين لون (فن الصوت) في أغنية (روح قلبي غابت) من كلمات الساهر. ومن ألحان أخيه علي لبان أنشد الكثير من الأغاني منها (أقول للناس) (أيش بقالك) (جيدك الفضي) (شي في خاطري) (قايم من النوم) (قوليها) (من ربى نجد) (ويش يقولون) (يا قمر غادي) وغيرها.

اعتزال مفاجئ

في عز توهج شعلة المجد الفني لـ (يحيى لبان) اتخذ قراره المفاجئ ألا وهو الاعتزال، مختارا التفرغ لحياته الخاصة وأن يجعل من الفن بلسما جميلا في حياته، ليتفرغ في ‏بقية فصوله للهواية والإشباع الحسي الذاتي فقط، على حد قوله.

يحيى معتوق لبان

- ولد عام 1955 في مكة المكرمة

- درس الابتدائية في مدرسة (الزاهر)

- المتوسطة في ابن خلدون بحي الحفائر

- المرحلة الثانوية في (العزيزية الثانوية)

- بكالوريوس إدارة من جامعة الملك عبدالعزيز

- نشأ وتربى على أغاني التراث والفلكلور