يعمل حزب الله اللبناني ومن ورائه إيران، بأقصى جهدهما لاستكمال ما يعرف بـ«الهلال الشيعي»، المنطلق بدءا من طهران مرورا ببغداد ودمشق وصولا إلى بيروت، بعد إحكام حزب الله قبضته على النظام اللبناني فعليا منذ ثلاث سنوات، ما يطرح أسئلة حول نية إيران في تغيير الصيغة الديموغرافية في لبنان، أسوة بما فعلته في العراق وسورية، عبر بناء بيئة حاضنة داعمة لها، بعد تهجير أو إخضاع السنة والمسيحيين اللبنانيين.

ويدرك الإيرانيون أن السياسة والسلاح لا يكرسان نصرا نهائيا، لأي فريق يفرض نموذجه على الدولة، ويدركون أن عليهم تبديل البنية السكانية في بعض المناطق، عبر إجبار سكانها على ترك بيوتهم لمحازبيه، لضمان منع أي معارضة له في المستقبل، وهو نهج اتبعوه في سورية، حيث أجبرت ميليشياتهم سكان العاصمة دمشق على بيع بيوتهم في المناطق المحيطة بالجامع الأموي، وحولتها إلى منطقة شيعية مائة في المائة، كما كرروا السيناريو نفسه في ريف دمشق، وعلى األأخص وداريا، حيث استقدمت الميليشيات الإيرانية 300 عائلة شيعية من العراق، وأسكنتها قسراً مكان السكان المحليين.

الأمر نفسه فعله حزب الله في مدينة القصير السورية، حيث أفرغها من سكانها عام 2013، ومنعهم من العودة إليها حتى الساعة، كما تم ترحيل آلاف السوريين السنة من منطقة الزبداني، وحل مكانهم علويون مؤيدون لنظام الأسد وإيران.

جريمة ضد الإنسانية

التغيير الديموغرافي الذي تعتمده إيران في سورية، وقبلها العراق بالتغيير الديموغرافي يعد جريمة ضد الإنسانية، وتتعارض مع اتفاقيات جنيف، لأنها تنال من هوية السكان الوطنية في تلك المناطق، ولأن فيها إجبارا لهم على مغادرتها مكرهين بعد ترهيبهم.

وبالتعاون مع النظام السوري، عمدت طهران على تجنيس مقاتلي ميليشياتها بالجنسية السورية، بهدف تأهيل المناطق السورية بالشيعة، بعد تهجير سكانها الأصليين من السنة والمسيحيين في الأراضي الممتدة بين دمشق وحمص والحدود اللبنانية، حيث جلب هؤلاء عائلاتهم من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان إلى سورية، وحلوا مكان أهلها الأصليين.

سلوك متكرر

اعتمد هذا السلوك الإيراني قبل سورية في العراق، حيث هاجمت عصائب الحق التابعة للحشد الشعبي المناطق السنية في محافظة صلاح الدين لترهيب السكان وإجبارهم على مغادرتها بهدف السيطرة على آبار النفط.

وبناء على تكرار السلوك، يتخوف اللبنانيون من إعادة نفس السيناريو في بلدهم، بعد أن أحكم حزب الله سيطرته على كل مفاصل الدولة، إن كان بقوة السلاح غير الشرعي، أو بشبكة تحالفات مع أحزاب وشخصيات سياسية تستفيد من منظومة الميليشيا، وهو ما يؤكد عليه المنسق العام للمنتديات في لبنان نبيل الحلبي في حديثه لـ«الوطن» إذ يقول «يعتمد نظام الملالي في طهران على إستراتيجية التغيير الديموغرافي في المناطق، بإبعاد المكون العربي السني والمسيحي، فبعد أن تمكنت الميليشيات المدعومة من النظام الإيراني من السيطرة على العراق وسورية، عمدت إلى محاصرة لبنان عسكريا ضمن كماشة تمتد من القنيطرة السورية جنوبا إلى تلكلخ شمالا، مرورا بسائر المدن والبلدات السورية في محافظتي ريف دمشق وحمص، التي قامت ميليشيا حزب الله ونظيراتها العراقية باحتلالها بعد تدميرها وقتل وتهجير سكانها من العرب السنة، فأصبح لحزب الله اليد الطولى في لبنان، وداخل مؤسسات الدولة اللبنانية، فقام باضطهاد السنّة، وترهيب المسيحيين، واعتمد على سياسة الاغتيالات، وتلفيق الملفات الأمنية والقضائية لمعارضيه.

تهميش المناطق السنية

لم يكتفِ حزب الله ومعاونوه المحليون بذلك، بل تعمدوا تهميش المناطق السنية إنمائيا، وحرمان الشباب السني من التوظيف، ودفعهم إلى الهجرة.

وسيطر حزب الله عبر تفاهمات مع قيادات سياسية مكنته من التحكم بقرارات مجلس الوزراء، كما استطاع الاستفادة من غطاء أكبر مركز دستوري للمسيحيين وهو رئاسة الجمهورية، وعمل على الإطاحة بصلاحيات رئيس الحكومة، وحرمان السنّة من التوظيف في مؤسسات الدولة، فاحتلوا المرتبة الأولى في البطالة في لبنان.

ويؤكد الحلبي أن «حزب الله يعمل جاهدا منذ اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري على تغيير اتفاق الطائف والإتيان بمشروع بديل يكرس المثالثة، فتصبح الطائفة الشيعية أساسية في الحكم إلى جانب السنة والموارنة، وكانت البداية من خلال حصر وزارة المال للطائفة الشيعية من خارج النص الدستوري في كل تشكيلة حكومية جديدة، وبالتالي يصبح حزب الله متحكما بكل المراسيم الصادرة داخل مجلس الوزراء، وكذلك القوانين التي لا يمكن نشرها بدون التوقيع الثالث وهو توقيع وزير المال الشيعي، ومن هنا أجزم بأن حزب الله ضرب صيغة لبنان الفريدة، فعزز عزلته الدولية، وقطع صلته بالطاقات الوطنية الاغترابية واستبدلها بالاقتصاد غير الشرعي، في التهريب عبر المعابر الحدودية اللاقانونية، لقد بنى حزب الله على أنقاض لبنان منظومة إجرامية عابرة للحدود، تعتمد على تصدير الإرهاب الدولي والتجارة الممنوعة وتشويه صورة لبنان في كل العالم».

- إيران وحزب الله يتحكمان بقرارات الحكومة اللبنانية

- الحزب يحاول تغيير صيغة اتفاق الطائف لصالحه

- الحزب يتمسك بحقيبة وزارة المال لزيادة تحكمه

- إيران انتهجت التغيير الديموغرافي في العراق وسورية

- الطائفة السنية في لبنان تحتل المرتبة الأولى في البطالة

- الحزب يسعى لحرمان الشباب من الوظائف ويدفعهم للهجرة

- ممارسات إيران وذراعها تزيدان عزلة لبنان دوليا