(يسرني التعاون معك لايصال صوتك ورأيك، أنا كاتب شبح للعديد من الأسماء المعروفة). بدأ محدثي كلامه معي بهاتين الجملتين وطرحهما بطريقة باردة هادئة وكأنه بهذا الهدوء يشرعن فكرة (الكاتب الشبح) لنفسه على الأقل.

ولمن لا يعرف معنى مصطلح الكاتب الشبح، -أو كاتب الظل- فالفكرة باختصار هي استئجار «قلم» بمقابل مادي ليكتب مقالات أو روايات أو أي منتج أدبي آخر ينسبه مدّعٍ لنفسه وينشره باسمه ويقلع من خلاله على جناح الشهرة في عالم المثقفين أو كتاب الرأي دون أن يتحمل وعثاء القراءة والبحث وكآبة حبسة الكاتب بسبب ضغوطات الحياة وسوء منقلب بعض الآراء التي تثير حساسية الرأي العام أو تستفز محيطه الخاص..

الكاتب الشبح يبيع محصول أفكاره للآخرين، لأن أراضيهم القاحلة لا تنتج أفكارًا صالحة للتداول وهم رغم ذلك مصرون على الدخول لساحة الكتابة والوجود بين أهلها، والتطفل على الصنعة وقطف ثمار لم يتعبوا في ريّها وتعهدها، إما للتكسب الأدبي أو المادي أو للوجاهة الثقافية. فكرة كاتب الظل عالمية، وأزعم أنها لم تكن لتجد رواجًا وجرأة في الاعتراف ببيع المقالات والنتاج الأدبي لو قلت المجاملات في الوسط الأدبي والثقافي، واحتفى أهله بالنص المميز أيا كان اسم كاتبه، وكفينا هذا الكاتب وأمثاله مؤونة بيع أفكارهم لمن يدفع أعلى سعر، فبعض هؤلاء الكتاب المستترين اعترف أنه يبيع نصوصه بمقابل مادي لأنه لو نشر نصوصه باسمه فلن يقرأها أحد، بينما نشرها ممهورةً باسم أحد الشخصيات المعروفة يجعلها محل التقدير من المتابعين والنقاد ويساعده في دفع مصاريف أبنائه وتغذية أسرته وتأمين مستقبله، وهذا النزاع الأخلاقي بين البائع والمشتري لا يمكن حسمه إلا من الداخل.

خلاصة الكلام، كتاب الظل لا يختلفون برأيي عن باعة القصائد ولا أستطيع أن أتعاطف معهم، خاصة في عصر التدوين الشخصي، فهم فئة لديها الموهبة لكنها آثرت أن تقتات على جنون بعض المتطفلين والمتعطشين للأضواء الثقافية.. ومثلهم الكاتب الدعيّ الذي يفتقد الموهبة ويملك مالا يسخّره لشراء جهود الآخرين أو استكتابهم، ولهؤلاء تحديدًا أقول إن الكتابة، -خصوصًا كتابة الرأي- مسؤولية وليست بطاقة امتياز، وهي باختلاف مجالاتها مهنة وليست وجاهة، مهنةٌ ذات أعباء ضميرية مرتفعة وتستحق الجهد ويستحق أهلها الاحترام إذا احترموها.. أما من يخوضون أمواجها للوصول لغايات أخرى، مادية كانت أو أدبية، فسيلفظهم بحرها عاجلًا أو آجلًا، وهذه سنّة الحياة.