لم يعد هناك متسع من الوقت، أدعو دول الخليج على العمل فورا ودون تأخير ولو لبرهة، فالوضع لم يعد يتحمل مزيدا من التأجيل.

الآن.. هناك حملة مسعورة من اليسار وبعض الإعلام الغربي، لشيطنة كل من يختلف معهم، وحالتهم الحالية مشابهة للنشوة.

ولم يعد يهم ما هي الحقيقة، أو الأفعال، بل كل ما يهم كيف تصور وتخرج الحدث. أصبح واضحا للعيان أن كثيراً من الإعلام الغربي فقد كل مصداقيته. ما تشاهده الآن من كتم للأصوات، وأيضا التدمير الممنهج لكل مواثيق وقواعد الصحافة والإعلام والحيادية المزعومة، فهي خرقت خرقا، جهارا نهارا بشكل علني، وكل هذا رغم جسامته لا يهم، لأن الموضوع أكبر من هذا ! وصلنا إلى منتهى الفجور في الخصومة والاختلاف. فبعض الصحافة والإعلام الغربي بدأ استعداداته لشن هجوم على دول الخليج، لم يعد يهم أين الحقيقة والأدلة وإظهار الصورة الصحيحة. فعدالة القضية لاتشكل شيئاً، مقارنة بكيف ستصور القضية، وكيف ستقدم للرأي العام ! الآن الموضوع كيف تكسب الإعلام بغض النظر عن إنصاف قضيتك. لقد تكلمنا في كثير من المقالات، أننا لا نملك إعلاما خارجيا مؤثرا أو محترفا، وأن إعلامنا يتحدث لنفسه، وكأننا نسمع صدى أصواتنا. تكلمت وتكلم الكثيرون عن خطورة عدم وجود إعلام خارجي قوي وذي نفوذ، وسمعنا العديد من الوعود، لكن للأسف لا نرى شيئا على أرض الواقع، ويبدو أن البعض متأثر بالإعلام المحلي وبعض أصواته، التي تحجب الوضع في الإعلام الخارجي، إن بعض هؤلاء في الإعلام المحلي ليس لديهم أي تأثير خارجي، وغالبا لا يعرفون كيف تدار اللعبة في الإعلام الخارجي، وأيضا لا يعرفون اللغة المستخدمة للإقناع، أما الترجمة الحرفية لبعض الأمور المحلية، فليس لها تأثير يذكر في المتلقي أو الإعلام الخارجي.

إذا بدأت الحملة الإعلامية على الخليج في الأيام القادمة، فإن أصوات بعض المحليين وهياطهم لن تنفع عمليا وبصراحة، وسيشعر الكثيرون بالأسى، أنه رغم ما عمل وتحقق في الخليج خلال السنوات الماضية من إنجازات، إلا أن الإعلام الغربي لا يعالجهم بعدل وإنصاف.

لكن ينسون الموضوع، وهو ببساطة يعتمد على من يملك وسائل الإعلام والنفوذ، وليس على من يملك الحقيقة، هذه هي قواعد اللعبة الدولية ببساطة.

نسمع بعض الحديث الجانبي من بعض الإعلاميين الغربيين بالوعيد الإعلامي والشيطنة، مع وصول الإدارة الجديدة وخصوصا من بعض المتطرفين اليساريين، الذين يريدون فرض أجندتهم اليسارية على العالم، ويذكر الخليج تحديدا.

رغم أن وصول بعض اليساريين الأقل تطرفاً في الإدارة الأمريكية الجديدة، ورغم قول البعض أن الكلام الانتخابي يختلف عن الكلام في الواقع عند استلام الإدارة، لكن لا ننسى أن هذه المرة الأجواء مختلفة، بل كانت شبه جنونية وغير مسبوقة، واليسار صار له تأثير لم نشهده منذ عقود، لذلك التحرك حاليا أصبح شبه واجب.

ورغم أن الإعلام فقد صوابه، لكن هناك شيئا ربما إيجابي في هذه المعمعة، وهو أن الإعلام الغربي الآن يمكن التأثير فيه، وحتى شراء ذممه، الحديث القديم أن الإعلام الغربي صعب تغييره وتغيير حياديته انتهى، الآن إذا كنت تعرف المفاتيح، وتعرف أصول اللعبة الإعلامية الغربية، فإنك ستجعلهم شبه خاتم في إصبعك، ويتغاضون عما تريد أن يتغاضوا عنه، ويمدحون ما تريد عرضه. الإعلام الغربي حاليا ليس بعيدا من الإعلام العربي في الحيادية والاستقلالية، لكن المفاتيح وقواعد اللعبة تختلف،. كثير من الإعلام العربي شبه مباشر وتأتيه التعليمات، أما الكثير من الإعلام الغربي غير مباشر، وتأتيه التعليمات بصورة أكثر برستيجيا والتفافاً، لكن الحيادية والمصداقية انتهت منذ سنوات.

كثير من الإدارات الإعلامية الخارجية في الدول العربية، مفروض تحول إلى متاحف بسب أنه فاتها الزمن، وأصبحت لا تقنع حتى طلاب مدرسة ابتدائية في العالم الغربي، أما بعض السفارات فالحال من بعضه، بل بعض السفارات أصبح يخاطب المجتمع المحلي العربي أكثر من الدول التي يعمل فيها، وبعضها الآخر متقوقع على نفسه، لذلك نرى العمل المطلوب في هذه الأوقات الحرجة يكون بالتعاقد مع المؤثرين في الإعلام الغربي، ووضع خطط إعلامية محترفة لكسب التأثير والنفوذ، ولم أر في حياتي أكثر من بعض اليساريين خرقا للمبادئ، عندما يتعلق الموضوع بالمصالح وفوائد العملة الخضراء. العالم الآن أصبح غابة مصالح، ومن لديه صوت مؤثر هو من يعلو، وهو من نسخته من القصة ستصل حتى لو كانت ليست الحقيقة. ومن يريد أن يصل صوته للأسف أصبح عليه التعود على قواعد السوق الإعلامية الرخيصة، والتدثر بالمثالية الزائفة، ولن تستطيع تغيير الوضع حتى لو كنت تملك الحقائق، فالمؤثرون بالإعلام يعانون من سعار ونشوة كذابة، نأمل ألا تطول هذه الموجة، لكن هذا الموجود.

ومن الآن نقول لا يأتي أحدهم لاحقاً ويقول إننا لم نحذر، تبدو بداية عاصفة إعلامية ينسق لها اليسار وبعض أعداء الخليج من اللوبيات، ولكن يمكن إبطال مفعولها إذا تم العمل بسرعة وفعالية، والإمساك بالمفاتيح الإعلامية بسرعة، ونردد ونقول يجب ألا نعتمد كل الاعتماد على ما تعودنا عليه سابقا، إن حديث الانتخابات يختلف عن حديث المكاتب، فأمريكا وإعلامها تغيرا بشكل دراماتيكي، لأسوأ لحظاتهما، ربما منذ الاستقلال، ولا نعلم إلى متى يستمر هذا التغيير، لكن ركوب الموجة والتحكم بها مطلب، من خلال استخدام نفس الأدوات، التي أصبحت للأسف رخيصة، ومتوافرة لمن يزايد أكثر ويعرف كيف يستخدمها لمصلحته.

للأسف انتهت في هذا الوقت سياسة العظماء والمخضرمين والمبادئ، وجاء عصر تزييف الصور والمصالح، ولكل عصر أدواته وقواعده، التي لا يمكن تطبيقها على عصر آخر.