تتعامل السفارات السعودية في الخارج بشكل شبه يومي، مع شؤون قانونية دولية و قضايا مختلفة متعلقة بالمواطنين في الخارج.

من هنا فإن وزارة الخارجية تستقطب المتخصصين والخريجين في مجال القانون في وظائف متعددة. إلا أن ثمة دورا غائبا هنا، و هو دور الملحق القانوني في السفارات السعودية، وهو دور لا يقل أهمية عن الملاحق في المجالات الأخرى، خاصة مع التوسع في مجال الاتصالات، والذي ترتب عليه نشوء نوع من الجرائم ذات طابع عابر للقارات، كما يلاحظ اتساع مساحة مصالح المملكة ورعاياها، عبر السياحة والابتعاث والعمل في الخارج، وكذلك التوجه الجديد لدى المملكة نحو استقطاب السياح والمستثمرين، يضاف إلى ذلك أن الملحق القانوني هو لاعب أساس في الاتصال الثقافي مع البلاد، التي يذهب إليها ممثلا للرؤية السعودية في القانون والعدالة.

ومما يؤكد احتياج السفارات للملحق القانوني، هو أن غالبية السفارات تلجأ لتوظيف محام محلي، حين تواجه أي قضايا تستدعي عملا قانونيا، وهذه الآلية معروفة وقد تكون ناجحة في بعض الدول أو مع بعض القضايا البسيطة، لكنها ليست كافية في القضايا التي تتطلب أن يكون الولاء للوطن مقدما على الطموح المهني الشخصي، أو الحرص على التكسب المادي.

من جهة أخرى فإن العالم يتغير وتتغير معه العلاقات الدولية، وطبيعة الصراعات التي تتقاطع فيها السياسة مع القانون، ومن يقرأ القضايا الدولية السياسية والاقتصادية المعاصرة، يظهر له بوضوح كم تغيرت اللعبة وأدواتها، وكيف اختلفت موازين القوى، وكم تقدم القانون ليصبح في صدارة المشهد الدولي بشكل غير مسبوق.

تتضح لنا إذن أهمية وجود ملحق قانوني حاذق في صنعته، عارف بالقانون الدولي وملم إلماما تاما بأنظمة الدولة، التي يوفد إليها وبلغتها وثقافتها وتاريخ وجودها، وأن يدرك مناطق التماس بين القانون والأعراف والأديان في تلك البلاد. هي إذن مهمة ذات طبيعة ثقافية ودبلوماسية رفيعة.

بقي أن نقول بأن هذه الفكرة معمول بها عالميا ويطبقها عدد من الدول، فعلى سبيل المثال لدى سفارة إندونيسيا في السعودية ملحق قانوني. و كذلك تعمل بعض سفارات الولايات المتحدة الأمريكية بهذا النظام، بل إن مؤسسة المباحث الفيدرالية الأمريكية لديها ملاحق في بعض السفارات الأمريكية، لتنسيق أعمالها في الدول التي يوجد فيها احتياج تفرضه طبيعة العلاقات السياسية والتعاون الأمني بين البلدين.