قضى نصف جيل من أهالي عسير أعمارهم في انتظار الحلم المؤجل برؤية المدينة الطبية في منطقتهم وقد أبصرت النور ودارت عجلة تشغليها.

والجيل هو مرحلة التعاقب الطبيعية من أب إلى ابن، ويعرّف تقليديا على أنه «متوسط الفترة الزمنية بين ولادة الآباء وولادة أبنائهم» ومدة الجيل من 23 حتى 30 سنة.

وفي عام 1427 للهجرة (أي قبيل 16 سنة من الآن)، أعلنت وزارة الصحة عن وضع حجر الأساس لإنشاء مدينة طبية في منطقة عسير، وقبيل وضع حجر الأساس صدر اعتماد الوزارة بإنشاء مدينة طبية، و3 مستشفيات، و120 مركزا صحيا، ومركز غسيل للكلى بتكلفة أكثر من مليار ونصف المليار ريال.

وذكر مدير عام الشؤون الصحية في المنطقة الدكتور عبدالله الوادعي حينئذ في مؤتمر صحفي، أن «المدينة الطبية ستكون أكبر مدينة طبية، بعد مدينة الملك فهد الطبية بالرياض»، وفي حين استطاعت المنطقة الاقتراب من المعيار العالمي في عدد الأسرة مقابل عدد السكان، فإن تلك المشاريع التي أعلن عنها ستضيف 1500 سرير إلى 2456 سريرا موجودة حاليا ليبلغ إجمالي الأسرة في المنطقة 3956 سريرا.

نواة المدينة

في عام 1431، أعلنت المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة عن طرح مشروع المستشفى التخصصي أمام الشركات المؤهلة تمهيدا لتنفيذه، إذ رصد له 350 مليونا وبسعة 500 سرير ليكون نواة للمدينة الطبية في مرحلتها الأولى، وفي نفس العام زار وزير الصحة حينئذ الدكتور عبدالله الربيعة المنطقة، وأكد أن هناك جهودا للبدء في إنشاء المدينة الطبية، وأن من شأن ذلك أن يجنب مرضى المنطقة طلب العلاج خارجها.

نظام رقمي

في عام 1432 جاء اعتماد إنشاء مدينة الملك فيصل الطبية بالمنطقة الجنوبية في مدينة أبها تنفيذا للأمر السامي رقم (أ/66) والتي تحتوي على 1350 سريرا في 1350 غرفة، وجميع الغرف تعمل بالنظام الرقمي، إضافة لمبنى الطوارئ، ومبنى العيادات الخارجية، ويحتوي على 200 عيادة وكذلك المختبرات، والصيدليات.

وتشتمل المدينة الطبية على مستشفى تخصصي بسعة 500 سرير، ومستشفى للعيون بسعة 200 سرير، ومستشفى للصحة النفسية والإدمان بسعة 200 سرير، وإنشاء مراكز تخصصية «الأورام- القلب» ومختبر إقليمي ومبنى للمديرية العامة للشؤون الصحية بالمنطقة وكلية للعلوم الصحية للبنين، إضافة إلى إنشاء مستشفى أبها العام بسعة 200 سرير، وإنشاء مستشفى خميس مشيط بسعة 200 سرير ومستشفى تنومة 50 سريرا، وإنشاء وتجهيز 120 مركزا صحيا ضمن مشروع خادم الحرمين لبناء 2000 مركز صحي بالمملكة، وإنشاء مركز غسيل الكلى بخميس مشيط.

كان من شأن هذه المشاريع خدمة أكثر من 4.9 ملايين نسمة في المناطق الجنوبية الأربع عسير، وجازان، ونجران، والباحة، وتشمل جميع تخصصات الباطنة، والجراحة، وفروعها الدقيقة، وتجاوزت ميزانية المشروع 4.2 مليارات ريال.

تخصيص الدعم

عقد فريق الإشراف على المدينة الطبية الذي ضم كلا من: من الدكتور عبدالله العمرو المدير التنفيذي لمدينة الملك فهد الطبية بالرياض، والدكتور خالد الشيباني المدير التنفيذي لمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، والمهندس أحمد البيز المشرف العام على المشاريع والشؤون الهندسية بوزارة الصحة، والمهندس زياد السويدان، والدكتور أحمد النعمي المشرف على مشروع المدينة، اجتماعا، تلته زيارة ميدانية إلى أرض المدينة بطريق الملك عبدالله، وصدر أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يرحمه الله) بتخصيص 16 مليار ريال لدعم 4 مدن طبية ومنها مدينة الملك فيصل الطبية بالمنطقة الجنوبية.

ورشات تعريف

عام 1433 نظمت مدينة الملك فيصل الطبية الجنوبية ورشة العمل التعريفية السادسة الهادفة إلى بحث التبادل المشترك ومناقشة الخطة المستقبلية للتنفيذ بفندق قصر أبها؛ وإشراك جميع القطاعات والمؤسسات الحكومية للعمل تحت مظلة واحدة، للنقاش وتبادل الآراء، وشارك فيها المدير العام التنفيذي لمدينة الملك فيصل الطبية بالمناطق الجنوبية الدكتور أحمد بن محمد النعمي، والمدير العام التنفيذي لمدينة الأمير محمد بن عبدالعزيز الطبية بالمناطق الشمالية، والمشرف العام على مشروعات المدن الطبية بوزارة الصحة الدكتور مهندس زياد السويدان، وعدد من الشركات المنفذة والمصممة للمشروع.

وأوضح الدكتور النعمي حينئذ أن «مدينة الملك فيصل الطبية تعد إحدى المدن الطبية الخمس التي تقوم عليها إستراتيجية وزارة الصحة في تقديم الرعاية الصحية المرجعية من المستوي الثالث والرابع لجميع المرضى في المملكة، وستتولى تقديم هذا المستوى من الرعاية للمرضى في المناطق الجنوبية من المملكة»، مشيرا إلى أن العمل بدأ في مشروع المدينة الطبية على طريق الملك عبدالله منذ فترة وجيزة حيث بدأت عمليات الحفر والتسوية وأنجز 90% منها، فيما يستمر العمل لإنجاز المستشفى الرئيس الذي يقدم الخدمات الطبية المرجعية المتخصصة للحالات المرضية النادرة أو الدقيقة أو المستعصية، ومراكز متخصصة للعيون والتأهيل، والأورام والقلب إلى جانب مركز للعلوم العصبية.

وأبان أن المشروع يتكون عند اكتماله من 6 أبراج تتضمن 9 أدوار لكل برج، وتحتوي على 1350 غرفة و1350 سريرا بمساحة 34 م2 للغرفة الواحدة، وأكثر من 180 غرفة للعناية المركزة، و40 غرفة للعمليات، مشيرا إلى أنه عند اكتمال المرحلة الأولى عام 2015 يمكن علاج جميع المرضى في المستشفى الرئيس، إضافة إلى الأمراض التي تستدعي المراكز التخصصية حتى اكتمال إنشاء المراكز وتشغيلها في عام 2017.

مراكز أبحاث

أوضح الدكتور النعمي أن «المدينة الطبية تحتوي على مركز للأبحاث والتدريب ويمكن للقطاع الخاص المشاركة من خلال استثمار الفنادق، والمدارس الابتدائية، والمتوسطة والثانوية والمدارس العالمية للبنين والبنات، والمحلات التجارية التي سيتم إنشاؤها ضمن المشروع».

أشار إلى أن «بناء الكوادر الصحية يعد التحدي الأكبر الذي يجب العمل على مواجهته فقد بدأ العمل بإعداد هذه الكوادر منذ الآن وتخصيص ميزانية للابتعاث والتدريب الداخلي والخارجي في كافة التخصصات الطبية، حيث تم ابتعاث 36 طبيباً وطبيبة، ويجري العمل على اختيار الكوادر الفنية والتمريضية والتخصصات المساندة من أبناء الوطن».

شركات عالمية

في عام 1434 استقبل أمير عسير في ذلك الوقت الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز في مكتبه الدكتور النعمي، واطلع منه على أعمال الإشراف والتصاميم النهائية للمدينة التي تم الاتفاق عليها مع شركات عالمية.

وأكد الأمير فيصل بن خالد ضرورة متابعة سير الأعمال في المشروع خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن المدينة الطبية تعد إضافة للمنطقة ودافعا قويا لتحسين الخدمات الطبية المقدمة لأبنائها.

وقدم النعمي نسخة مما نشرته مجلة «ميترو بوليس» الأمريكية الصادرة من نيويورك في عددها لشهر أكتوبر 2012 تحت مسمى «المدن الشجاعة» والتي تصدرت تصاميمها 6 مدن طبية حول العالم، كانت مدينة الملك فيصل الطبية بالمنطقة الجنوبية إحدى تلك المدن.

وحول استعدادات العمل المستقبلية لتشغيل المدينة قال الدكتور النعمي «تم ابتعاث 36 طبيبا وطبيبة من أطباء الامتياز في عدد من التخصصات العام الماضي وسيتم ابتعاث أكثر من 250 طبيبا وطبيبة، إضافة إلى الاختصاصيين في العلوم الصحية التطبيقية من فنيين وتمريض وصيادلة وإداريين وموظفي تقنية معلومات».

وتسلم الأمير فيصل بن خالد في نهاية اللقاء هدية تضمنت مجلدا من 300 صفحة يحتوي على كامل التصاميم للمرحلتين الأولى والثانية للمدينة الطبية الصادر بالتعاون مع شركة «HDR» الأمريكية- مصمم المشروع- والتي حازت على المركز الأول على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية لـ9 سنوات متتالية.

تطمين جديد

عام 1434 تفقد وزير الصحة حينئذ الدكتور عبدالله الربيعة المراحل الأولية لمشروع المدينة، وأوضح أن «ترسية جميع مراحل المشروع ستكون مطلع العام الهجري الجديد (أي عام 1435)»، لافتا إلى أن الوزارة تجاوزت جميع الصعوبات التي واجهت إنشاء المدينة، والمتمثلة في طبيعة الأرض والتصاميم، مشددا على أهمية الجودة والإنجاز في الوقت المحدد باستخدام كل المعايير العالمية في تصميم المدينة.

اتفاقية تعاون

وفي عام 1437 وقعت اتفاقية تعاون مشترك بين المدينة ومديرية الشؤون الصحية بمنطقة جازان، تهدف إلى تعزيز التكامل وتطوير التعاون العملي والتدريبي بين الجهتين، وتضمنت إقامة برنامج شراكة وتعاون بين الجهتين في المجالات الطبية والبحث العلمي، والتدريب وتطبيق نظم تقنية المعلومات الصحية، وإستراتيجية بناء القدرات والمعايير، وإقامة الندوات والمؤتمرات وتبادل الخبرات الطبية والفنية والإدارية، وكذلك استحداث مركز للعيادات الاستشارية التخصصية بمنطقة جازان لتقديم الخدمات الطبية والعلاجية للحالات المرضية المتقدمة.

مناقشة وخطة

في يوليو الماضي، تابع أمير منطقة عسير، رئيس هيئة تطوير المنطقة الأمير تركي بن طلال، سير العمل لتنفيذ مشروعات الخدمات الصحية بالمنطقة، خلال اجتماع مع فريق وزارة الصحة للمشاريع والخدمات العلاجية، بحضور عدد من مسؤولي المنطقة.

وناقش الأمير تركي بن طلال، مراحل خطة تنفيذ مشروع المدينة التي توقع أن تشغل مطلع أغسطس 2025، حيث تم إنهاء مراحل متقدمة من التصميم.

واستعرض أمير المنطقة المخطط العام للمشروع، والطرق المؤدية للمدينة التي صممت بما يضمن انسيابية الحركة المرورية، كما ناقش مقترحات توزيع المراكز التخصصية لعلاج: الأورام، والقلب، والعيون، والعلوم العصبية، والتخصصات العامة، إضافة إلى التأهيل.

واطلع أمير عسير على التصميم التفصيلي للمشروع الذي ركزت فكرته التصميمية على توفير أحدث طراز معماري لراحة ورفاهية المرضى وعائلاتهم، لتكون المدينة الطبية نقطة جذب لقاصدي العلاج من جميع أنحاء المملكة، بما توفره من تخصصات دقيقة وخدمة متميزة، ونقاط لبيع الهدايا والمقاهي والمطاعم، وإعداد التصميم ومواصفات التنفيذ وفقا لأعلى المعايير الدولية المعتمدة من وزارة الصحة والـFGI والـJCI والـISO وغيرها، مع تجهيز المشروع بأحدث الأنظمة الإلكترونية المتطورة لتعمل على تعزيز تجربة المرضى، ولضمان كفاءة التشغيل في بيئة عمل جاذبة تهدف إلى توظيف الكفاءات المتميزة السعودية والعالمية التي تلبي متطلبات التشغيل وفق أعلى المعايير العالمية.

الحلم ما يزال حلما

مع كل المتابعات التي تمت حتى الآن، فإن التقدم في تجهيز المدينة ووضعها قيد التشغيل ما يزال يمضي بخطوات وئيدة وإن كانت التوجيهات وكذلك المتابعة الدؤوبة من أمير المنطقة تدفع خطوات تجهيز وتشغيل المدينة بشكل متسارع وملحوظ.

وإذا ما تم التشغيل بحسب التقديرات في أغسطس 2025 فسيكون جيل كامل تقريبا قضى عمره في انتظار الحلم الذي ما يزال حلما وإن كانت بعض ملامحه قد بدأت في الظهور.

مدينة الملك فيصل الطبية بالمنطقة الجنوبية

1350

سريرا

1350

غرفة

200

عيادة خارجية

مستشفيات في المدينة

تخصصي

سعة 500 سرير

للعيون

سعة 200 سرير

للصحة النفسية والإدمان

سعة 200 سرير

مستشفى أبها العام

سعة 200 سرير

مستشفى خميس مشيط

سعة 200 سرير

مستشفى تنومة

سعة 50 سرير