ما زال الاشمئزاز هو رد الفعل الأول تجاه صدمة سماع أنباء عن رجل يقتل شقيقه بسبب خلاف على الميراث، وآخر يقتل زوجته، وزوجة تطعن زوجها، وأب يذبح أبناءه، وابن يقتل والديه أو أحدهما، وشاب يخنق أمه، وأم تستل سكينا من مطبخها وتذبح صغارها النيام.

ومع بقاء الجرائم العائلية (وهي التي ترتكب من أحد أفراد العائلة ضد فرد آخر فيها) في صدارة الجرائم البشعة التي تصدم المجتمعات كلها، يشير مختصون إلى أن جملة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتسارعة أثرت على المجتمعات، وهي تحولات لم يتم استيعابها واحتوائها، وقادت إلى اهتزاز القيم وتغيير طبيعة الشخصية، حتى باتت الجريمة العائلية واحدة من ملامح صورة العنف الذي يجتاح المجتمع العالمي الجديد.

وتؤكد دراسات ميدانية عدة، أن غالبية مرتكبي جرائم العنف الأسري، يعتقدون أن حياتهم مليئة بكثير من المتاعب، وأنهم يعانون الضيق والحرمان والإحباط.

ظاهرة أم حالات

يرفض مختصون في علم الاجتماع إطلاق وصف الظاهرة على انتشار الجرائم العائلية، على الرغم من أنها في تزايد ملحوظ، ويفضلون أن يعدونها حالات فردية مرضية، يرتكبها من يعانون ترسبات تقودهم إلى العنف وفقدان السيطرة على التصرفات، وذلك تزامنا مع غياب القيم، وعدم المعالجة العميقة للأسباب التي قادت إلى مثل هذه الجرائم، وتناولها حتى على المستوى الإعلامي بشكل سطحي أحيانا، وبمعالجة تطلق الأحكام المسبقة، مطالبين بوجود دراسات ومراكز أبحاث تتناول هذه الجرائم وتبحث سبل التقليل منها.

ويركز علماء دين كذلك على أن مرتكبي هذه الجرائم ما زالوا قلة غير سوية، وأنهم يفتقدون الوازع الديني الذي يحرم قتل النفس، والحال أشد بقتل الآباء أو الأبناء أو ذوي القرابة، فهذه الجرائم عقابها أشد عند الله سبحانه وتعالى، لأنها تتسبب في قطع صلة الأرحام والتفكك الأسري والمجتمعي.

إضعاف دور

يعيد مختصون مثل هذه الجرائم إلى ترك الخلافات الصغيرة في العائلة تتفاقم دون حلول، وبالتالي تركها تتأزم وتستفحل، وإلى غياب القدوة والمثل، وغياب دورهم في التدخل لإصلاح ذات البين، وكذلك غياب لغة الحوار بين الأهل والأقارب، وتفشي ظاهرة الانعزال في المجتمع المدني، وعدم السماح للناس بالتدخل بين بعضهم بعضا في حال حصول مشكلة.

ويوضحون أن تغير المجتمعات من مجتمعات كانت مترابطة بوشائج قوية تمثل الحماية المانعة للجرائم، إلى متفككة ساعية للقيم الفردية، وضعف قيم التسامح والضبط الداخلي، قادت إلى تصاعد في كم الجرائم العائلية ونوعياتها.

مبررات أخرى

لا يقتصر الحديث عن مسببات الجرائم العائلية على ما سبق ذكره، وحسب، بل يرى متخصصون أن ثمة عوامل أخرى مؤثرة، منها إدمان المخدرات والمسكرات وما تسببه من اضطرابات في الشخصية وفي الانضباط الأخلاقي السلوكي والعقلي والنفسي للإنسان، ومنها الأمراض النفسية والعقلية التي تقود إلى هلاوس سمعية وبصرية وعقلية، ومنها التهاون بخطورة العنف الأسري، الذي قد ينتهي بالقتل، ومشاكل حضانة الأبناء بعد الطلاق، ومشاكل على الإرث، خصوصا مع تعدد الزوجات، وعدم تسريع معالجتها قضائيا، وضعف دور لجان إصلاح ذات البين.

جرائم في السعودية

مثل كل المجتمعات الأخرى، لا يخلو المجتمع السعودي من جرائم عائلية تركت آثارها الموجعة لدى المتلقين لأخبارها، وإن كانت الجريمة عموما وليس فقط العائلية منها في تراجع ملحوظ في المملكة لأسباب عدة منها قوة الوازع الديني، ومتانة الترابط المجتمعي، وسيادة الأمن وقوته، ففي حين يبلغ المعدل العالمي للجرائم 7.6 لكل 100 ألف شخص، فإنه ينخفض في المملكة إلى نحو 0.8 لكل 100 ألف شخص في المملكة، وهذا معدل منخفض جدا.

17 أغسطس 2006

قتل شاب (20 عاما) على يد قريبه في قرية العميران جنوب الطائف، وذلك بسلاح ناري إثر خلاف بين أسرتين.

19 مايو 2010

في ضباء، قتل زوج زوجته حيث سدد لها طعنات متلاحقة بالسلاح الأبيض أودت بحياتها على الفور، إثر خلافات أسرية بينهما.

27 مايو 2012

لقي شخص في العقد الخامس من العمر مصرعه في خلاف أسري تطور إلى اشتباك بالأيادي بين عائلتين من الجنسية الأفغانية بالمدينة المنورة.

وقعت المشكلة بين المتوفى وعائلة زوج ابنته تطورت إلى اشتباك بالأيادي سقط خلاله المتوفى مغشيا عليه ونقله للمستشفى إلا أنه فارق الحياة.

08 أكتوبر 2015

قتل أب طفليه في حي جبل النور وانتحر ليلحق بهما بعد خلاف أسري، حيث كانت تجري مفاوضات مع أسرة زوجته لطلاقها بعد أن وصل الخلاف للمحكمة.

فبراير 2016

في فبراير 2016 قتل شاب في العقد الثاني من عمره شقيقه الأكبر بإطلاق الرصاص عليه، ثم سلم نفسه لقسم الشرطة، ومعه جثة أخيه الثلاثيني في السيارة.

وجاء القتل نتيجة خلاف بين القاتل والقتيل.

وفي نفس الشهر، أطلق شاب ثلاثيني النار على والدته المسنة، وتبين لاحقا أن لديه سجل سوابق بالجهات الأمنية منها شكوى عقوق رفعتها عليه والدته.

مايو 2016

في مايو 2016 قبض على مواطن في الـ20 من عمره قتل زوجته بعد خلاف تركت فيه منزلها، وذهبت لمنزل والدها فلاحقها وأطلق عليها النار.

يونيو 2016

ـ في حي الحمراء بالرياض، قتل توأم والدتهما المسنة (67 عاما)، حيث استدرجاها لمخزن المنزل وطعناها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وتبين أن سبب القتل لعدم موافقة والدتهما على انضمامهما لتنظيم داعش.

ـ قتل شاب (27 عاما)، والدته ذات الــ50 عاما بعد أن طعنها بسكين عدة طعنات في أنحاء متفرقة في جسمها بمدينة خليص، وتبين أنه يعاني اعتلالا نفسيا.

ـ لقي شخص مصرعه وأصيب آخر إثر تعرضهما لإطلاق نار من قبل أحد أقاربهما إثر خلاف أسري في بيشة.

يوليو 2016

قتل إعلامي في المنطقة الشرقية زوجته (30 عاما) بعد أن خلعته حيث ترصدها وهي عائدة من العمل إلى منزل والدها وطعنها عدة طعنات.

أغسطس 2016

ُقتل مواطن (70 عاما) على يد ابنه (30 عاما) بعدما سدد له عدة طعنات في عنقه، وأكد مقربون من القاتل أنه يتعاطى المخدرات.

سبتمبر 2016

في حفر الباطن، مواطن ثلاثيني يقدم على إطلاق النار من سلاح رشاش على والدته وشقيقته العشرينية فأرداهما قتيلتين.

وفي الأحساء، تعرض مواطن أربعيني لإطلاق نار من قبل شقيقه بسبب خلاف سابق، ما أدى لوفاته.

أكتوبر 2016

ـ قتل شاب (35 عاما) يعمل معلما في مكة المكرمة والده 70 عاما وشقيقته 20 عاما، وأصاب والدته بجروح بليغة، بعدما سدد طعنات عدة لهم بسكين، وتبين أن القاتل يعاني اعتلالات نفسية.

ـ في عفيف، قتل شاب عشريني شقيقته الثلاثينية، بإطلاق رصاصتين عليها من مسدس.

ـ في حي السحيلي في الطائف قتل شاب والديه، حيث طعن الشاب والده (59 عاماً) ووالدته (48 عاماً)، وفصل رأس أحدهما عن جسده، وتبين أنه من أرباب السوابق ويتعاطى المخدرات والمسكرات، وأدخل المستشفى سابقا لاعتلال نفسي.

ـ نحرت مواطنة طفلة زوجها (6 سنوات) في حي محاسن بمدينة المبرز.

ـ قتل شاب عشريني شقيقه (40 عاما) بإطلاق النار عليه في رقعاء التابعة لمحافظة رجال ألمع إثر خلاف بينهما.

ـ قتلت زوجة بمحافظة شرورة زوجها (26 عاما) طعنا بآلة حادة، بسبب خلاف بينهما.

ـ قتلت مواطنة (26 عاما) زوجها بالطائف بآلة حادة بعدما اشتكى بكاء رضيعهما، مبررة بأنها كانت تدافع عن رضيعها (شهرين)، بعدما كاد والده يقتله بكتم أنفاسه بالمخدات لإسكاته.

ـ لقي مواطن ستيني مصرعه في الجبيل، على يد شقيقه الأربعيني، بسبب خلاف عائلي وصل لاشتباك بالأيدي.

08 أكتوبر 2017

قضية نفقة بين زوجين أدى الخلاف فيها إلى إصابة 10 أشخاص من قبيلة واحدة.

28 نوفمبر 2020

في القنفذة أقدم قاتل على قتل شقيقتيه وامرأة ورجل آخرين تربطه بهما علاقة قرابة، مبينا أنه أقدم على فعلته بسبب وجود خلافات أسرية قبل نحو شهرين بينه وبين الضحايا.

مصر

امتدت الجرائم العائلية، في كل اتجاه، ففي مصر في مطلع ديسمبر الماضي أطلق زوج النار على وجه زوجته من سلاح ناري بسبب خلافات عائلية بينهما، وذلك في محافظة سوهاج.

وفي مطلع سبتمبر، وفي محافظة المنيا، أقدم فلاح على قتل زوجته بالساطور داخل منزلهما وذلك بسبب خلافات أسرية بينهما، حيث تلقت القتيلة طعنات في جسدها.

اليمن

لا تعرف الجرائم العائلية جنسية بعينها، ولا موطنا بحد ذاته، ففي اليمن أنهى مسلح حياة 14 شخصا من عائلته بسبب خلافات أسرية، فبعد 20 يوما من وضع زوجته مولودها الثاني، أنهى يمني حياة أسرته المكونة من طفلين وزوجته و11 آخرين من أسرتها، في مدينة البيضاء وسط اليمن، بسبب خلاف مع شقيق زوجته.

وكان بين القتلى زوجة القاتل و2 من أبنائه، أحدهما رضيع، وصهره وأمه وزوجته و5 من أبناء صهره و3 من أخواته، ثم اشتبك خلال محاولته الفرار مع قوة أمنية فأصاب جنديين منها.

سورية

في فبراير 2020، أقدم سوري على خنق أمه بيديه حتى قتلت، وذلك بسبب خلافات عائلية.

وفي نهاية 2019 وفي منطقة القرداحة حيث ينتمي الرئيس السوري بشار الأسد، قتل طفل عمره 9 سنوات نتيجة تعذيبه من أبيه الشرطي وزوجة أبيه.

وفي القرداحة أيضا، أقدم ملازم في وزارة الداخلية على قتل شقيقتين وإصابة شقيقتهما الثالثة بعد فسخ خطبته من إحداهما.

الكويت

قتل كويتي شقيقته داخل غرفة العناية المركزة.

كما قتل كويتي شقيقته طعنا بالسكين بمحافظة الأحمدي، وذلك بسبب خلافات بينه وبينها.

الأردن

ارتفعت معدلات الجرائم المرتكبة في الأردن عام 2019 إلى 7.57 % مقارنة بالعام 2018.

وأظهر تقرير إحصائي رسمي أن الخلافات الشخصية كانت أكثر الأسباب التي دفعت لارتكاب جرائم القتل العمد والقصد في الأردن خلال 2019، وبنسبة 48.18 %، تلتها جرائم الخلافات العائلية وشكلت ما نسبته 30.91 %.