تحت شعار «لبنان أولا وأخيرا» انطلقت مسيرات شعبية من كافة المناطق اللبنانية إلى بكركي، حيث المقر الرسمي للبطريركية المارونية، لدعم البطريرك بشارة بطرس الراعي، الذي تعرض لحملة انتقادات شرسة من حزب الله والتيار الوطني الحر، على خلفية مطالبته بمؤتمر دولي لدعم لبنان والتأكيد على حياده عن كل ما يحدث في المنطقة.

وقد توجهت «الوطن» إلى بكركي للقاء بعدد من اللبنانيين المتضامنين مع البطريرك، الذين اعتبروه كما قال أحدهم: «هو صوت الناس الآن بعد أن تعسر خروج من يمثل اللبنانيين من ثورة 17 أكتوبر للتكلم باسمنا».

كما كان أكثرية المشاركين في المسيرة الشعبية مستائين من «التهجم» على البطريرك الماروني، وتحديدا من حزب الله الذي وجه إليه تهديدا مبطنا، على لسان أمينه العام حسن نصر الله، عندما قال «ما حدا يجربنا»، الذي رد أحد المتظاهرين من بكركي قائلا: «لا أحد يهدد البطريرك».

اتهام باطل

اتهم حزب الله وحلفاؤه البطريرك الراعي، بالسعي إلى وضع لبنان تحت البند السابع، وهو ما يتنافى تماما مع ما طالب به الراعي في تصريحاته الأخيرة، حيث طالب بعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان اقتصاديا، في ظل انهيار تام لكافة قطاعاته المالية، وتفشي الفساد السياسي، والأهم ضرورة تحييد لبنان عن الصراعات التي أدخله فيها حزب الله وإيران رغما عنه.

وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي غابي أيوب في تصريح خاص بأن «دعوة البطريرك الراعي لعقد مؤتمر دولي بشأن لبنان برعاية الأمم المتحدة قد تحولت إلى مادة سجالية، دخل على خطها بعض المرجعيات الدينية، للإيحاء بأن الجدل قد أخذ بعداً طائفياً أكثر منه وطنيا، وظهر ذلك من ردود الأفعال الصادرة عن المرجعيات الشيعية، التي اعتبرت مطالب البطريرك خطوة للإجهاز على صيغة لبنان وسيادته. وهذا الأمر عار عن الصحة.

مضيفا بأنه ليس لدى بكركي أي نية ليتحول الأمر إلى اصطفاف طائفي، فأسباب الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي هي لانتشال البلد من القعر الذي وصل إليه، بعد كل المحاولات التي باءت بالفشل لتشكيل حكومة إنقاذية وفق المبادرة الفرنسية، حيث توصل البطريرك إلى قناعة بأن هناك مشكلة ثقة بين الأطراف المحلية تمنعهم من السير معا لإنقاذ لبنان».

خوف الأحزاب

ربما ما يقلق فريق الثامن من مارس وتحديدا حزب الله من دعوة البطريرك إلى عقد مؤتمر دولي حسب أيوب هو «ثناء منسقة الأمم المتحدة في لبنان على موقف الراعي، على الرغم من أن إمكانية عقد المؤتمر ما زالت قيد الدرس لدى المؤسسة الدولية». من هنا يؤكد أيوب أن طرح قضية لبنان في مؤتمر دولي خاص «يضع حدا لتعددية السلاح وتحديدا سلاح حزب الله، الذي بات يخاف منه اللبنانيون أكثر من أي شيء آخر، وأصبحوا على يقين بأنه يريد الإطاحة بالدستور اللبناني واتفاق الطائف، لظنه بأنه قادر الآن على فرض شروطه والإتيان بحكومة وسلطة وفق تطلعاته، لذلك كان ضروريا الرد عليه بتحرك شعبي لدعم البطريريك تحت شعار (بكركي ما بتمزح)، للتأكيد على أن الراعي ليس وحيدا في موقفه.