أثار تسريب مقاطع كثيرة وشديدة الغرابة، لغرف المستخدمين في برنامج (الكلوب هاوس)، زوبعة من السخط في أوساط السوشال ميديا، دارت أقاويل بين الذم والتقبيح، وقلة ممن تحدثوا عن البرنامج الجديد بشيء من الإيجابية. كانت هذه (الهبّة) الجديدة مثار أحاديث أيضا في المجتمع النسائي وحفز ذلك فضولي لاستخدام البرنامج رغبة في اكتشافه بنفسي، لا بناء على ما تناهى إليّ من أخبار..

حدث ذلك فعلا.. فضاء آخر متسع، عبارة عن غرف سابحة، معلقة بعناوين شتى، مذيلة بأسماء لجموع كبيرة منها أسماء لمّاعة/‏ لامعة، وأخرى مجهولة، قلة ممن يستخدمون معرفات مجهولة بالأصل!

في ضوء عبارة سقراط (تكلم حتى أراك)، كان الجميع هناك مرتدين أصواتهم وفي حالة كلام دائم، حالة مكثفة من تطاير الأفكار، نقاشات متواصلة حول أشياء لها أهمية وأخرى ليست كذلك، هموم من الماضي وكثير من المستقبل، فنون، سفر، طرب، عطالة، غرف تدريب للتعليق الصوتي، غرف للفضفضة وغرف أخرى الفخار فيها (يكسر بعضو). وأظن أن مثل هذا الحضور لتلك الجموع الغفيرة المتنوعة ليس إلا انعكاسا حقيقيا لشرائح المجتمع السعودي (الجديد)، الباحث عن منصة خارج الصورة النمطية، يستطيع عبرها إيصال أفكاره -أيا كانت- لأكبر قاعدة من الناس، وتلقي أفكار جديدة، دون مضيعة للوقت أو عراقيل تذكر.

مما أزعمه من مميزات هذه المنصة أنها قد غربلت نجومية بعض المشاهير، وأعطت مفاتيح جديدة لمشاهير جدد بناء على قدرة الإنصات والحوار الهادف وطرح مواضيع مثرية وجديدة للنقاش من شأنها التأثير في الوعي العام. ما يعني أنها قدمت لنا نماذج جديدة من عقليات واعدة -نحن في حاجتها- بعيدا جدا عن تفاهات (سناب شات)، وموجة الإعلانات التي أصبحت في الآونة الأخيرة (آكله الجو) في منصات التواصل الأخرى.

فإذا كنت أحد مستخدمي (كلوب هاوس) لابد وأنك ستتعلم مهارة الإنصات، بل وسترضخ للإنصات الطويل، الذي يخولك للفهم العميق قبل الحديث. وهذا من شأنه أن يطور مهاراتك الحوارية مع الوقت.

إذا كنت أحد مستخدمي البرنامج فلا بد وأنك ستخرج بجيوب ممتلئة بالمعلومات دون البحث المطول وإهدار الوقت في (التنطيط) من موقع إلى آخر. إنه مكان جيد لالتقاط المعلومة النيرة والحديث فيها وتفصيلها.

إذا كنت أحد مستخدمي هذه الخدمة فمن دون شك أنك لاحظت الفرصة التي يعطيها إياك تويتر قبل أن تلقي بالكلام في الميدان، هذه المنصة الجادة ليست للجميع، فالكاتب المحترف في تويتر مثلا ليس بالضرورة أن يكون محاورا جيدا في مكان آخر.

إن كنت فعلا من مستخدمي المنصة، ستذهلك الأسماء اللامعة التي يعريها الكلام من زيف الصورة ! ستنكسف لك الأغطية عن عقول استخدمت لوقت طويل بالشكل الخاطئ.

مثلي ومثل الغالبية من مستخدمي المنصة ستكون لعدة أيام تحت تأثير صدمة فكرية لقوة النهضة الفكرية القادمة بعد الانحطاط الملموس في المنصات الأخرى.