أعلن سمو ولي العهد، منذ فترة ليست بالقصيرة، أنه «لا مُهادنة مع التطرف، وأننا سنقضي عليه الآن وفورا». في هذا الإعلان لخص سموه التغييرات الاجتماعية التي نريدها بقوله «نحنُ فقط نعود لما كنا عليه، الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع الشعوب». هذا التصريح يستند على ثقة عالية بالله أولا ثم بأبناء هذا الوطن، وبالفريق الذي يعمل مع سموه رحلة استعادة هويتنا الدينية والوطنية السمحة.

يدرك من مارس قيادة التغيير أنه مهمة شاقة، خصوصا عند العمل على نزع فتيل فكر استمر في النمو لأكثر من أربعين عاما، فكر كان ينمو ويزدهر في الخفاء ويستغل المنابر لينقل رسالته للعامة.

عدد لا يستهان به من أبنائنا صاروا وقودا لحروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. يشتعل فتيلها في أرض ما لأسباب يجهلها العامة، ثم يكفي أن يلتقط أحد الخطباء المفوهين شعلة منها ويرميها بين شبابنا مسببا حرائق متعددة في قلوب الآباء والأمهات.. كم من شاب تسبب الشحن العاطفي في انتقاله لدول النزاع وبؤر الفتن ومات غريبا بعيدا مطاردا، في الوقت الذي كنا ننتظره مشاركا فاعلا في تعمير هذه الأرض الطيبة.

ولعل المتابع للمنابر في هذه الفترة يدرك تغير المنهج والمحتوى، فقد أصبحت الخطب أقرب لنا ولهمومنا وحياتنا، صرنا نسمع خطيبا يأمر بالإحسان للجار، وآخر يتحدث عن أهمية التشجير والغطاء النباتي واحترام البيئة، وعن احترام القوانين واتباع تعليمات الصحة في هذه الأزمة. صارت منابرنا وخطب الجمعة تحديدا مصدر أمن ومحور بناء وتذكير أسبوعي بما يهمنا حقا، وما يجب أن نركز اهتمامنا فيه.

من أهم عوامل التغيير كما لا يخفى فكر متزن يقود وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، يمثله الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، والذي أعاد المنابر لممارسة دورها الإيجابي في المجتمع مستلهما توجه القيادة لاستعادة الإسلام ممن استخدموه ولم يخدموه. البرامج والمبادرات التوعوية والدعوية التنويرية الأسبوعية التي تطلقها الوزارة تصنع وعيا مجتمعيا متكاملا، مبادرات تنويرية حقيقية تمثل وطن التوحيد، وترفع راية مساجدنا آمنة وتناقش جائحة كورونا، وتؤصل لمفهوم الولاء لولاة الأمر وحقوق الإنسان، وغيرها من المبادرات التي يدرك القائمون عليها تحديات المرحلة وضرورة مخاطبة هذا الجيل خطابا يساير وعيه وإمكاناته. هذه المهمة ليست سهلة بكل تأكيد ولكن النجاحات تتوالى، والآثار الإيجابية للخطاب الديني المعتدل تزداد وضوحا.. فالوزارة في هذا العهد الزاهر راجعت رسالتها وتعمل بجد على تحقيق رؤيتها وتخطو خطوات تصحيحية هامة ومتسارعة لحماية فكر شبابنا من التطرف والغلو، وترافقها دعوات الأمهات والآباء ومباركة المهتمين.