في وقت يصادف عامل النظافة كثيرا من الازدراء محليا، وكذلك في الأوساط الاجتماعية في محيطنا الإقليمي والعربي، حيث ينظر إلى مهنته كمهنة متدنية في الترتيب القيمي الاجتماعي، وأنها لا تحتاج إلى أي تأهيل أو مهارة، وفي وقت يلقى عليها أقل قدر من الأجر تبعا لتواضعها والنظرة إليها، يقدم لنا العالم الآخر صورة مغايرة تماما لعامل النظافة في دول أخرى تتقدمنا خطوات في عالم التمدن والتحضر، وإزالة الفوارق الاجتماعية بناء على تصنيف الأعمال وازدراء ما نعتقد أنه متدن منها.

الموظف الأكثر دلالا

يعد عامل النظافة في اليابان، الموظف الأكثر دلالا ورفاهية، بل إن متوسط دخله يتراوح بين 70 و100 ألف دولار في العام الواحد، بمعنى أن مرتبه الشهري قد يصل إلى 8000 دولار شهريا.وتمنع اليابان مناداته «عامل نظافة» أو «زبال»، بل يطلق عليه مهندس الصحة والنظافة، وينظرون إليه بصفته شخصا مسؤولا، ويخضع إلى اشتراطات كبيرة من أجل الحصول على شهادة خاصة تؤكد صلاحيته لممارسة العمل، كما يمكن تلمس حياة الرفاهية التي يحياها من ركوبه وسكنه والأجهزة التقنية التي يمتلكها في بيته. وفي الولايات المتحدة الأمريكية قد يصل راتب عامل النظافة إلى 120 ألف دولار في العام الواحد، بمعدل 10000 دولار، ويتبعون شركات معتمدة متعاقدة مع الدولة، وتوفر له مميزات عدة، وليس بالسهولة الانضمام إلى هذا القطاع المهني، بل له شروط خاصة أهمها اتقان القراءة والكتابة. وتلعب الشهادة التي يحصل عليها الموظف دورا أساسيا في تحديد راتبه الشهري الذي لا يقل بداية عن 3000 دولار، كما يشترط فيه اللياقة البدنية، وهذه تخضعه لاختبارات خاصة، إضافة لاختبار النظافة الشخصية، وهو يحصل على تأمين صحي بشكل كامل، وراتب تقاعدي وتأمين على الحياة ضد العجز والإصابة، وتحدد أوقات عمله من السابعة صباحا وحتى الثالثة من بعد الظهر، كما يحصل على علاوات سنوية بانتظام، وعلى إجازة أسبوعية وإجازات سنوية مدفوعة الأجر. وفي بريطانيا والسويد، يشترط أن يكون عامل النظافة مواطنا أصليا ولا يحمل أي جنسية أخرى، احتراما لتلك المهنة وتوطينها، واعتبارها من المهن التي تمس الأمن القومي، ويتقاضى العامل بين 2000 و4000 جنيه إسترليني شهريا، كما يحتاج إلى شهادة جامعية، وقد يحتاج للانتظار فترة من الزمن للحصول على الوظيفة بعد تقديم أوراقه وشهاداته.

رواتب متدنية

في الدول العربية، لا يجد عامل النظافة سوى الازدراء، وتدني المرتب، ففي مصر مثلا، نجد أن هذه الفئة هي الأكثر تهميشا بين بقية المهن، وسط تدن رهيب لرواتب العاملين فيها، وبالتالي تدني مستوى معيشتهم، حيث يعمل كثيرون منهم بلا عقود رسمية، وقد تصل رواتبهم إلى 350 جنيها، فما تتراوح رواتب أصحاب العقود بين 600 إلى 750 جنيها مصريا، ولا تزيد على 1200 جنيه لمن يعملون في هيئة النظافة، والأدهى أن 60 % ممن يعملون هم من كبار السن، وبلا ملابس مخصصة أو أدوات معقمة. وفي سورية، ومع أن المرتب موحد للدرجات بين مختلف العاملين «بمعنى أن موظف الدرجة الثالثة في وزارة التربية يتقاضى ذات راتب صاحب الدرجة في مكتب وزير إلا عدم احتياج عامل النظافة لمؤهل تعليم يجعل شاغلي هذه المهنة في أدنى الرواتب، وربما لا يتجاوز 40 ألف ليرة شهريا».

عناصر مؤثرة

قال عضو هيئة التدريس في جامعة نجران، الدكتور خالد الوادعي: «عمال النظافة عناصر مؤثرة في المجتمع بغض النظر عن عرقهم وجنسيتهم أو دينهم، هم فئة ألجأتهم الحاجة وقلة ذات اليد إلى الطرقات والشوارع، يرفعون أحمالا وأطنانا من القمامة والحجارة والتراب، تلفح وجوههم أشعة الشمس المحرقة في النهار ويسد أنوفهم الغبار، ويغزو الهواء البارد أجسادهم بالليل، وبين هذا وذاك تقتلهم نظرات المجتمع التي تخترق أجسادهم الضعيفة فتزيدها وهنا على وهن، إن أكثر المناظر ألما عندما تشاهد الاستهتار في المتنزهات والحدائق ورمي المخلفات بطريقة عشوائية دون إحساس بالمسؤولية، ودون التفكير بعامل النظافة الذي يحني ظهره ويتعب لجمع ما نخلفه، أصبحنا نقلد الغرب والعالم المتحضر في كل شيء إلا في الوعي بأهمية الوقت وأهمية النظافة، رغم أنهما من الأساسيات لتقدم وحضارة الدول».

احترام العمال

يرى المواطن كمال آل يسر، أننا بحاجة ماسة إلى تثقيف المجتمع لاحترام مهمة عامل النظافة، وتخفيف الجهد عنه، على الأقل بالحرص على رمي المخلفات في أماكنها المخصصة، والابتعاد عن الاستهزاء بهم، وتعليم الأطفال والنشء على التعامل معهم برقي وأدب، فهذه الوجوه التي نشاهدها يوميا من ساعات الفجر وحتى آخر الليل تعمل من أجمل حماية المجتمع، ولكن مع الأسف ما زلنا نشاهد كثيرين ينظرون إليهم نظرات دونية في الوقت الذي نراهم الألطف في التعامل مع المواطن، وهم في اعتقادي يحتاجون أن نبادلهم الإنسانية بالإنسانية، وهذا قد يكون أهم من مجرد مساعدتهم ماديا.

احترام المهنة

يعتقد محمد القحص، أن الشارع النظيف عنوان أهله، ومن منطلق الاستشعار الديني، فقد افتقد رسولنا الكريم لمدة يومين فقط لأم محجن، وهي سيدة كانت تنظف المسجد، وحين سأل عنها عرف أنها ماتت فذهب إلى قبرها وصلى عليها، والمجتمع يحب أن يعي ويعلم ويحترم هذه المهنة، ولو خصص كل شخص سلة للنفايات في سيارته ووضعها في المكان المخصص لكان خيرا له، ولكن في الطرف الآخر نشاهد نماذج إيجابية جميلة بحسن التعامل وعكس صورة راقية للمجتمعات التي يعيشون فيها بتوزيع المياه والملابس الشتوية على عمال النظافة، وهي رسالة مهمة متى أدركنا أهميتها سنعيش بشكل أفضل، وهي تقول عامل الناس بالطريقة التي تحب أن تعيش بها. وأضاف: استغرب هذه النظرة القاصرة من البعض تجاه عمال النظافة، وشهادة الحق يجب أن تُقال في حق عمال النظافة فلولا أن سخرهم الله تعالى لامتلأت البلاد بالأمراض والأوبئة وهلك الناس واستحالت الحياة فيها، فلهم منا عظيم التقدير والامتنان.

مقارنات رواتب عمال النظافة وسطيا في الشهر

السعودية

1000 ريال

مصر

750 جنيها مصريا (154 ريالا)

سورية

45 ألف ليرة (64.2 ريالا)

أمريكا

3000 ـ 10000 دولار

(11.25 ألفا حتى 37500 ريال).

اليابان

8000 دولار (30 ألف ريال).

سويسرا

4050 دولارا (15 ألف ريال).

كندا

2500 دولار أمريكي (9375 ريالا).

بريطانيا

4000 جنيه إسترليني (20 ألف ريال).