تساؤل بسيط في أربع كلمات، ولكن الإجابة عليه في اعتقادي تحتاج إلى وقت طويل، وتفكير وتأمل أطول. وبالطبع فإن من المؤكد، أن كل شخص لديه دوافعه التي بناء عليها يرغب في تحسين حياته ومعيشته؛ ولكن معرفة الطرق ونقاط التحسين الجوهرية تختلف من شخص إلى آخر، وهذه هي أسباب تفوق بعض الأفراد في المجتمعات.

بداية، دعوني أحدثكم بشكل مبسط عن مفهوم التحسين المستمر أو مدرسة الكايزن كما تراه المناظير الإدارية. مجلة هارفرد بزنس ريفيو، ترى أن التحسين المستمر هي: العمليات التي تهدف إلى تطوير مختلف الأنشطة، إضافة إلى تطوير عناصر الإنتاج من الموارد والآلات والأفراد، على أن يتم الأمر بشكل مستمر، وذلك ضمن عملية إدارة الجودة التي تتضمن تلبية الحوافز المادية والمعنوية المناسبة لهذه العملية. وتهدف عملية التحسين المستمر إلى إتقان العمليات الإنتاجية على الرغم من صعوبة الوصول إلى هذه الغاية.

لن أتحدث هنا عن التحسين المستمر للمنظمات والشركات، سآخذ هذا المفهوم، ثم أسقطه على الأفراد وأتحدث عن التحسين المستمر للفرد نفسه.

ماذا يعني لك أن تستمر في تحسين نفسك وأمورك وأوضاعك، وما الفائدة المرجوة من عمليات التحسين الدائمة والمستمرة؟ في ظني أن الحياة تتطلب منك أن تستمر في البحث دائما عن نسخك المتجددة. ولهذا نتلمس دائما الطرق الجيدة والموصلة إلى أهدافنا التي نرغب في أن نحققها ونصل إليها. وعليه لا يمكن لأي فرد أن يتحسن في حياته ما لم يضع له أهدافا محددة، ومن ثم يعمل على تحقيقها، عبر قياسها كل فترة ومراجعة مستويات التقدم والتغير والتحسن.

لاحظ حولك وفي محيطك، ستجد أن هناك أشخاصا قابعين في حياتهم منذ عشر أو عشرين عاما، كما أن هناك أشخاصا متغيرين ومتقدمين، ولديهم كل فترة أحوال وأمور أفضل وأجمل. هؤلاء المتغيرون يرتكزون على أمرين: إنهم دائماً متأملون ومفكرون في حياتهم، وبالتالي هم يحسنون حياتهم وفقا لأولوياتهم ورغباتهم واحتياجاتهم. وكذلك قبل أن يقرروا عمليات التحسين، تجدهم مدركين لنقاط قوتهم وضعفهم، فهم ينطلقون في مرحلة التحسين المستمرة والدائمة من خلال هذه النقاط، إما بأقفال أو تقليل نقاط الضعف، أو بتعزيز وتقوية نقاط القوة. وبهذين الأمرين، هم دائما في نظرك متجددون وناجحون ومتميزون وسابقون من حولهم في الوصول إلى المراكز الحياتية أو الوظيفية أو الاجتماعية أو المالية التي تراهم أنت فيها.

في عام 2019 أطلقت وزارة النقل مشروعا جميلا جدا يهدف نوعا ما نحو هذا الاتجاه. وهو ما سأحدثكم عنه في الأسبوع المقبل، بإذن الله.