هذا عنوان كتاب قيم جدا، كتبه الوزير العالم الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ وفقه الله، في عام 1406 للهجرة، بيّن فيه بأوضح عبارة وأوجزها مفاهيم أهل الإسلام الشرعية، في توحيد رب العالمين، مستدلاً بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وردَّ فيه على من أراد أن يُحرّف تلك المفاهيم الشرعية، ويستبدلها بمفاهيم بدعية وشركية، بحجة أن ذلك التبديل والتحريف إنما هو تصحيح، وكأن المفاهيم التي دلّ عليها الكتاب والسنة وعمل الصحابة، ليست صحيحة والعياذ بالله، وهذا التحريف هو سنة أهل الأهواء والبدع قديماً وحديثاً، فإنهم يخرجون المعنى الحق، الذي يريدون إبطاله ببدعهم في صورة مستهجنة، تنفر عنها القلوب وتنبو عنها الأسماع، ليضعوا مكانه ضلالهم، ويصفوا باطلهم وضلالهم بزخارف من القول، لتصغى إليه قلوب من لم يعرف التوحيد، الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه طريقتهم، ولكن «مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُون».

والمقصود: أن كتاب الوزير العالم صالح آل الشيخ وفقه الله «هذه مفاهيمنا» من أنفع الكتب المؤلفة في تقرير التوحيد والسنة، والتحذير من الشرك والبدعة، وكشف جناية أهل الباطل على العقيدة، فهو حفظه الله يرد على الشبهات، ويدمغها بنور الكتاب والسنة، ومعلوم أن كل من اعتصم بالكتاب والسنة فإنه منصورٌ ولابد، وعلى هدى مستقيم، قال تعالى «وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم»، والحق - أي: القرآن والسنة - دامغٌ للباطل ولابد، بدليل قوله تعالى «بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُون».

فحريٌ بكل طالب علم أن يعرف التوحيد فيدعو إليه، ويعرف الشرك فيُحذّر منه، فما خلق الله الخلق إلا ليعبدوه وحده لاشريك له، وكل الرسل دعوا إلى التوحيد وحذروا مما يضاده، كما قال تعالى «ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت»، وليجعل سلاحه في الدعوة إلى التوحيد والتحذير من البدع والضلالات، كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله:

واجعل كتاب الله والسنن التي

ثبتت سلاحك ثم صِحْ بجنان

من ذا يبارز فليقدم نفسه

أو من يسابق يبد في الميدان

واصدع بما قال الرسول ولا تخف

مــن قلــة الأنصــار والأعوان

فــالله ناصــر دينــه وكتابه

واللـه كــاف عبـده بأمـــان

لقد تضمّن كتاب «هذه مفاهيمنا» الدعوة إلى التوحيد والسنة، والتحذير من الشرك والبدعة، كما تضمن الرد على الشبهات بعلم وعدل، وأن ما يستدل به أهل الأهواء إنما هي أدلة غير صحيحة سنداً ومتنا، وأما إذا استدلوا بدليل صحيح، فإن المؤلف وفقه الله يوضح أن الدليل عليهم لا لهم، ويُبين وجه ذلك، ذلك أن الكتاب وصحيح السنة لايمكن أن يدلا على باطلٍ قط، ولكن آفة أهل الأهواء، من سوء الفهم، أو سوء القصد، أحدهما أو كلاهما، ولا يأتي أهل البدع والضلال بحجة، إلا وفي الكتاب وصحيح السنة ما ينقضها، ويثبت ما هو خير وأحسن، قال تعالى «وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا» قال ابن كثير في تفسيره «ولا يأتونك بمثل أي: بحجة وشبهة، ولا يقولون قولا يعارضون به الحق، إلا أجبناهم بما هو الحق في نفس الأمر، وأبين وأوضح وأفصح من مقالتهم».

فهذه المعاني الطيبة النافعة، والإشارات المفيدة، تضمنها كتاب «هذه مفاهيمنا»، ومَخْبر الكتاب يُغني عن وصفه، فحري بكل مسلم، لاسيما طلاب العلم، قراءة الكتاب والعناية به، وتدارسه بينهم، فإنه جمع فأوعى، جمع علوما نافعة، وتأصيلات أصيلة، وتنبيهات لطيفة، ودمغاً للباطل، وحماية للدين من تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، جزاه الله خيرا، وضاعف مثوبته، ونفع الله به كما نفع بأسلافه الذين مضوا.

ما شيّد الله من مجدٍ لسالفهم

إلا ونحــن نــراه فيهم الآنــا