حول الهوس العالمي بالمظهر والشكل الخارجي، مسألة التجميل من مجرد هوس شخصي إلى تجارة وصناعة تكتسحان الأسواق وتدران الملايين، وتوفران نشاطًا يتعاطاه الآلاف حول العالم.

الإقبال على التجميل من خلال العمليات الجراحية أو الحقن أو المستحضرات الطبية بات أسلوب حياة لكثيرين من النساء، وكذلك الرجال، بالرغم من أن عيادات التجميل وجدت أصلًا للعلاجات التصميمية وللحالات الحرجة مثل الحروق والتشوهات الخلقية وترميم الجلد بعد التعرض للحوادث المختلفة.

وتختلف دوافع اللجوء للتجميل، فمنها تقليد المشاهير، ومنها ترويج وسائل التواصل الاجتماعي لهذا الأمر، ومنها لإنقاص الوزن، ومنها الحد من تداعيات التقدم في السن، ومنها كذلك المعالجة بعد العاهات الجسدية.

صناعة مليارية

قدر حجم سوق التجميل في العالم في عام 2018 بنحو 180 مليار دولار، وكشفت الجمعية العالمية لجراحة التجميل (ISAPS) عن أكثر من 23 مليونا و600 ألف عملية تدخّل تجميلي في العالم، من بينها نحو 10 ملايين و400 ألف عملية تجميل جراحية. وفيما تتصدر أمريكا قائمة الدول التي تجري عمليات تجميل في العالم بـ4.2 مليون تدخل تجميلي عام 2015 وبزيادة سنوية %18، تليها البرازيل، ثم اليابان، فإيطاليا، فالمكسيك، احتلت لبنان الصدارة عربيًّا في عمليات التجميل حيث يجري فيها بين 120 و150 عملية تجميل شهريًّا، وتشكل عائداتها %15 من إجمالي الإنفاق السياحي السنوي في البلاد. في المقابل، وحسب الجمعية العالمية لجراحة التجميل، احتلت المملكة صدارة الإقبال عربيًّا على عمليات التجميل في السنوات الأخيرة، وشهدت عام 2016 نحو 94 ألف عملية تجميل، وتعد المرأة السعودية الأكثر إنفاقًا على مستحضرات التجميل بين دول الخليج، حيث قدرت مؤسسة «يورومونيتور الدوائية» حجم إنفاق السعوديات على جميع أنواع مستحضرات التجميل بـ1.5 مليار دولار سنويًّا.

وأمام الاهتمام العربي المتصاعد بالتجميل بدأت الشركات العالمية تركز على مستحضرات تجميل حلال لا تحتوي على أي من مكونات الخنزير أو الكحول، وتسوق بضاعتها تحت هذا الشعار، ويُتوقع أن يصل الإنفاق السنوي على منتجات التجميل الحلال إلى أكثر من 54 مليار دولار العام المقبل حسب مكتب الدارسات «السوق إنسايت إنترناشيونال».

ضغوط السوشال ميديا

توفر مواقع التواصل وجهة آخر صيحات الجمال، وبات المؤثرون فيها يروجون لعمليات تجميل ولمراكز تجري هذه العمليات، كشفت دراسة بريطانية أن مواقع التواصل تضغط على الشباب لإجراء عمليات تجميل للحصول على الوجه المثالي دون بقع أو تجاعيد، وطالبت الدراسة الحكومة بالتدخل ضد تطبيقات التلاعب بمظهر الوجه والتي يمكن أن تكون حافزا للإقدام على جراحات تجميلية.

وأسهم هوس السيلفي ومشاركته برفع الاهتمام بالاعتناء بمظهر الوجه ونضارته.

انحراف عن الهدف

تقول الدكتورة مي سليمان، إخصائية الجلدية والتجميل والليزر بعيادات شمس كلينيك بجدة «تتصدر المملكة عربيًّا في عمليات التجميل، وأكثر فئة عمرية ترغب بهذه العمليات ما بين 19 - 30 عامًا وأكثرها من الفتيات. فعيادات التجميل وجدت للعلاجات التصميمية وللحالات الحرجة مثل الحروق والتشوهات الخلقية وترميم الجلد بعد التعرض للحوادث المختلفة، بالرغم من تعدد فوائد عمليات التجميل فإن هنالك سلبيات لها في هوس التجميل والمبالغة».

ووصفت الدكتورة سليمان إقبال الفتيات على عمليات التجميل بأنه «ظاهرة»، وأكثر منطقة يقومون بتجميلها طبعًا منطقة الوجه، حيث تتابع الفتيات مواقع التواصل الاجتماعي خاصة المراهقات لولعهن الشديد بالفنانات والمشهورات، فيعلمن على تقليدهن من حيث شكلهن وأناقتهن.

وأضافت «من مبررات إقبال المراهقات على عمليات التجميل التغيرات الكبيرة والسريعة التي تحدث لهن في النواحي الجسدية في فترة البلوغ، مع أن نمو الوجه لا يكتمل إلا في فترة الرشد، ولكن اعتقادهن الخاطئ لما تقوله مواقع التواصل خلق لديهن هاجس أن عمليات التجميل هي السبيل في الوصول للجمال».

إقبال الذكور

ذكرت سليمان أن الرجال باتوا يقبلون بكثرة على عيادات التجميل، بارتفاع مضطرد، وهذا يترجم مدى رضا كثير من الرجال على عمليات التجميل، وأكثر ما يقومون بطلبه علاج الحروق والتصبغات التي تحدث مع التعرض الكثير لأشعة الشمس».

وأما عن الأسعار، فأبدت سليمان أسفها لمبالعة أغلب العيادات والمستشفيات الخاصة بالأسعار حد المتاجرة بصحة الناس، وقالت «هناك عيادات ومستشفيات تنافس بعضها ليصبح اسمها معروفًا على حساب المريض، ولكن وزارة الصحة وضعت تسعيرات ثابتة لإلزام العيادات بعد إتمام الموازنة بين تكلفة العلاج من مواد وأجهزة والمبلغ المدفوع من المريض، ولكن هناك اعتقاد سائد بين الناس أنه كلما كانت التكلفة عالية كانت دليلاً على جودة وكفاءة ومهارة العيادة، وهذا غير صحيح أبدًا، لذا يجب الذهاب لطبيب مختص ومؤهل علميًّا، وذو أمانة للتأكد من جودة الخدمة التجميلية المقدمة.

فيلر وبوتكس

تشير السليمان إلى أن الفيلر يجذب الشابات، أما البوتكس فيجذب النساء فوق 40 سنة، والبوتكس يستخدم للنساء بكميات صغيرة وتحت إشراف طبي، حيث يعمل على تقليل التجاعيد مثل: خطوط العبوس، وتجاعيد العين، وتجاعيد الجبهة، وغيرها، وتستمر من 3 أشهر إلى 12 شهرًا، أما الفيلر فهو عبارة عن هيالورونيك اسيد ومواد أخرى مخلوطة تحقن تحت سطح الجلد مثلًا لنفخ الشفايف، ورفع الخدود، وشد الوجه وأيضًا يستخدم الفيلر لعلاج التجاعيد».

وأفادت «التجميل جزء من حياة الناس، ما يدفعنا لمواصلة تطوير علاجات جديدة غير جراحية لتلبية احتياجاتهم، وبات كثيروين يتجهون للتجميل غير الجراحي (الخيوط - أجهزة شد الوجه مثل الهايفو - أجهزة تحفيز الكولاجين - البوتكس والفيلر)، وهذا يؤكد أن الإجراءات التجميلية ستستمر في التطور مع إدخالات وإبداعات جديدة لمستقبل جديد في عالم الجمال».

قلة المراكز

تكشف منى الغامدي عن قلة مراكز التجميل المتخصصة في منطقة الباحة، حيث تسكن، وتقول «هناك مجمعات طبية شاملة بعضها فيه عيادات للتجميل، لكن أسعارها مرتعفة، وشغلها لا يفي بالغرض وأجهزتها سيئة.. اضطر لإجراء جلساتي خارج المنطقة حيث تتوفر عروض مستمرة وأسعار مخفضة، وغياب المنافسة في المنطقة سيدفع أي عيادة متخصصة فيها لرفع الأسعار».

وعللت ريهام الشهري «تلجأ عيادات الباحة لشراء أجهزة بإصدارات قديمة وسعر أرخص، وهذا يدفعنا للعلاج خارجها حيث تكثر العيادات حيث يمكنني اختيار الأنسب لميزانيتي فيها».

- 675 مليار ريال حجم سوق التجميل

- 23.6 مليون تدخل جراحي تجميلي في العالم عام 2018

- 10.4 ملايين عملية تجميل جراحية عام 2018

- 150 عملية تجميل شهريًّا في لبنان

- 94 ألف عملية تجميل في المملكة 2016

- 5.6 مليارات ريال حجم إنفاق السعوديات على التجميل سنويًّا

إجراء عمليات التجميل

- أمريكا

- البرازيل

- اليابان

- إيطاليا

- المكسيك

إجراء العمليات عربيًّا.. لبنان (متصدرة)

الإقبال على العمليات.. السعودية (متصدرة)