أعلى مراتب الاستشعار بأي حدث أو تحول أن تكون جزءا من ذلك الحراك، وهو بالفعل ما نعيشه ونعايشه في المملكة اليوم. فالحياة اليومية لدينا تشهد عدة تحولات ومؤشرات تصاعد في المجالات كافة. نحن اليوم في واقع المجتمعات والدول، بدأت رحلتنا لمغادرة نطاق دول العالم الثالث. ولا يمكن القبول بفكرة أن واقع جودة الحياة لدينا تفوقت شرق أوسطيا فحسب بل المنصف يدرك أن لدينا من المقومات والنجاحات ما يجعلنا في محيط الدول المتقدمة. تلك القناعة لم تكن وليدة عاطفة ونشوة

أو ترديد شعارات، وإنما استنادا على معايير وتصنيفات عالمية جعلت مسمى المملكة يوضع وبكل شموخ في صدارة الدول المتقدمة ما لم يكن في طليعتها.

ليس لأننا متقدمون في مجال أو مسار محدد فقط، فقيمة المملكة وعمقها الديني والسياسي والإستراتيجي جميعها ركائز أساسية تنبثق منها النجاحات الأخرى كافة. فالتقدم الهائل الذي تشهده المملكة ليس حكرا على جانب واحد بل هي نجاحات في مشارب الحياة كافة. والتطور ملحوظ إنسانا ومكانا، فالجهود الحكومية الرامية إلى وضع المملكة في مصاف دول العالم على كل الأصعدة ترجمت على أرض الواقع من خلال منجزات حققت وفق محددات وقوائم تصنيف دولية أثبتت أن المملكة تشع تطورا. وأنها محور ثابت في هذا الحراك التنموي الدولي على مستوى العالم. فلم يعد مقبولا أن نبقى في خندق دول العالم الثالث أو أن ينظر لنا بأننا دولة نامية ريعية لا تستطيع النهوض بذاتها.

وللحديث أكثر عن «بعض» تلك المنجزات النوعية التي تحققت مؤخرا ووفقا لإحصائيات وتصنيفات دولية لا محلية، نجد المملكة في مصاف دول العالم المتقدم في مجالات عدة، منها أنها من أفضل 10 دول على مستوى العالم في المهارات الرقمية وفق ما جاء في WEF (المنتدى الاقتصادي العالمي)، كما أنها من أسرع خمس دول في سرعة الإنترنت، وكان لزاما بعد توفير الكثير من برامج جودة الحياة أن يكون الشعب السعودي أكثر شعب عربي في مؤشرات السعادة بحسب تقرير السعادة العالمي، وضمن قائمة أكثر ثلاثين شعبا على مستوى العالم في المؤشر ذاته. كما جاءت المملكة سادسا عالميا من حيث جودة الحياة في معايير الأمن والرعاية الصحية والاقتصاد والنقل والتلوث.

ولأن المملكة رائدة في عطائها، فهي ضمن أكثر عشر دول تقديم مساعدات على مستوى العالم في العام 2020، كما جاء في تقرير الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية. إضافة إلى كونها السابع على مستوى العالم في تقديم المساعدات الغذائية وفق برنامج الأغذية العالمي.

وتدخل المملكة في حيز أكثر عشرين دولة من حيث قوتها الناعمة وصورتها الذهنية. وفي مؤشر تصنيف مجلة SCImago والذي يعد مقياسا للتأثير العلمي للمجلات العلمية، دخلت ثلاث جامعات من المملكة ضمن قائمة أفضل عشر جامعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إضافة لتصاعد ترتيب المملكة في مؤشر المعرفة العالمي حتى بتنا ضمن قائمة أعلى خمسين حسب تقرير الأمم المتحدة.

وحلت المملكة في المرتبة الثامنة كأكبر دولة في احتياطي النقد الأجنبي (بالدولار) بواقع 447 مليارا. كما تصدر سوق تاسي أداء الأسواق العالمية في الشهر الماضي من العام الحالي. وصنفت المملكة ضمن أسرع موانئ دول العالم في التعامل مع سفن الحاويات بالساعات بمدة 16.8 وغيرها من أتمتة المعاملات من حيث تحويلها من الجانب الورقي إلى الإلكتروني، فالتميز كان مقرونا من حيث تقنية المعاملات وكذلك سرعة إنجازها.

تلك القفزات الهائلة في سنوات معدودة تعتبر قصيرة جدا في عرف منجزات الدول، هي ترجمة فعلية بأن المملكة تسير ضمن رؤية طموحة، اختزلت من خلالها، سنوات وسنوات ولا تزال الخطوات متسارعة نحو التميز المنشود على كل المجالات.

يقول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «حربي القادمة أن تكون المملكة في مصاف الدول المتقدمة».