عندما ينجح أحد الوزراء في الغرب وليس أي وزير، بل يكون من الوزراء ذي الحجم الثقيل وصاحب وزارة كبرى، فإنه يتمنى أن يكون رئيسا لجامعة كبرى (وأكرر) عندما ينجح نجاحا باهرا في وزارته، فإنه يوضع في الحسبان لكي يرأس جامعة كبرى، وليس تكريما له أو ما عنده وظيفة بعد انزاح من الكرسي ويريدون (يراضونه) بمنصب فيجعلونه رئيسا للجامعة، بل فقط الوزراء المميزون هم من يتم اختيارهم لرئاسة الجامعات! وكمثال وزير المالية الأمريكي في عهد كلينتون، وكما هو معروف وزارة الخزانة الأمريكية تعتبر وزارة سيادية، وتتحكم في اقتصاد العالم وفي عهد من؟ في عهد كلينتون الذي كان يسمى الرئيس الاقتصادي، فعندما نتكلم عن لورنس سوميرز الذي كان وزير الخزانة، ومن ثم أصبح رئيس لجامعة هارفارد العريقة!

لذلك تلاحظ أن أكثر الناس فكرا ورقيا في المجتمعات الغربية هم رؤساء الجامعات، لأن السياسيين رغم نقص كفاءة بعضهم، فإنهم قد يفوزون بالانتخابات ولعبة الأحزاب، لكن من النادر للغاية أن تجد رئيس جامعة إذا لم يكن مميزا فكرا وأداء، خلال عقود قابلت وسمعت فيها رؤساء جامعات حول العالم، وقابلت وسمعت سياسيين وجدت الفرق كبيرا، فأغلب الأحيان وجدت أن رؤساء الجامعات يتفوقون فكرا ونقاشا ونظرة للأمور. وهناك اعتقاد في المجتمعات المتقدمة أن رئيس الجامعة له أهمية في مستقبل البلد، فقد تكون أكثر من الوزراء لأنه من سيخرج الأجيال التي ستحمل مستقبل البلد، بينما السياسي أو الوزير سيتغير والكرسي دوار والانتخابات متعددة فيكون مرحلة مؤقتة!

قد يكون حديثي بعد هذا السطر صادما لكن لست أهاجم أشخاصا ولكن أتكلم عن أداء ولست أعمم، ولكن أستطيع القول من بعض التجارب وهي تجربة شخصية، أن أضعف رؤساء جامعات شاهدتهم، هم بعض من شاهدت من رؤساء (مديري) جامعات منطقتنا العربية، سواء من ناحية الفكر أو النقاش أو الاستراتيجية، في أغلب اللقاءات في الجامعات الكبرى حول العالم تستمتع باللقاء مع رؤسائها وكأنك تناقش مفكرا أو فيلسوفا في مجال التعليم والمستقبل، ويعرف ماذا يريد وأي استراتيجية يتبع ليصل لأهدافه، بينما بعض من قابلت في منطقتنا من مديري الجامعات تسأل نفسك متى يخلص اللقاء، وكأنك أمام مدير مدرسة وليس مدير جامعة!

أما في السعودية، فقد تطور أداء جميع الأجهزة الحكومية وتطورت مؤهلاتهم مع الرؤية المباركة، وتغيرت المملكة تغييرا دراماتيكيا للأفضل وقفزت قفزات ضوئية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بدرجات متفاوتة في الأجهزة، فهناك أجهزة ذات أداء مبهر، وأجهزة كانت أقل من المأمول وأقل من بقية القطاعات، ومنها بعض الجامعات وليس جميعها، وبما أن جميع أجهزة الدولة تطورت، فإن خطط الرؤية واستراتيجياتها على الطريق الصحيح لكن عدم مواكبة بعض الجامعات يدل ربما على خلل في نفس إدارات بعض الجامعات!

أداء بعض الجامعات أقل من المأمول رغم أن التعليم المتطور هو أحد أهم أسس الرؤية وهو رأس مال المستقبل أي (رأس المال البشري) والكفاءات، حتى بقاء بعض الجامعات على مستواها هو تأخر لسببين أولهما، لأن العالم يمشي إلى الأمام بسرعة وهناك تنافس شديد، فإذا بقيت على سرعتك سيتخطاك الجميع وتصبح متأخرا، أما السبب الثاني، فإنه بما توفر لبعض الجامعات من دعم وإمكانيات في الرؤية العظيمة، ومن لم يستغل الإمكانات والدعم الكبيرين من القيادة والرؤية فيعتبر متأخرا!

طالبت سابقا وأكرر نريد رؤساء تنفيذيين عالميين للجامعات لإدارتها ويكون رئيس (مدير الجامعة منصبا تشريفيا) كرئيس مجلس إدارة وتخريج دفعات إلخ. وبعض الجامعات الأخرى يكون رؤساؤها من الوزراء السابقين المميزين ويكونون مديرين ورؤساء تنفيذيين في نفس الوقت، لا أعتقد أن مجالس الأمناء ستضيف كثيرا للجامعات على الأقل في الوقت الحالي، خصوصا أننا رأينا أن مجالس الأمناء لم تضف كثيرا لبعض الجامعات، لدينا بعض الكفاءات المهمة من وزراء ومسؤولين سابقين، أعتقد وبشكل شخصي رغم أني أكاديمي فإن إدارة الجامعات ليس من الضروري أن يتولاها أكاديمي أو حاصل على الدكتوراه، ربما مسؤول بنك أو رئيس شركة أو محام متمكن أو مسؤول في القطاع الخاص، قد يغضب كلامي هذا بعض الأكاديميين، لكن صدقوني الإدارة علم وفن وموهبة ولا تخافوا، فلن يحول رؤساء الشركات الجامعات إلى شركات، فالإداري المحنك يخدم أهداف الجامعة ويطورها بطريقته.