شهدنا جميعاً متابعة واسعة محلياً وعالمياً وباهتمام كبير، لاسيما من القطاع الخاص، للإعلان عن برنامج شريك، الذي أطلقه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان- وفقه الله لكل خير- والذي يهدف إلى تعزيز وتقوية مبادئ ومفاهيم التشاركية مع القطاع الخاص في السعودية، بغرض تمكين القطاع الخاص من القيام بدور أكبر وأكثر فاعلية في الاقتصاد الوطني، وذلك انطلاقاً من المفاهيم المتطورة التي تقوم على مبدأ التشاركية، إذ يعدّ القطاع العام شريكاً للقطاع الخاص، لا منافساً له.

ويأتي برنامج شريك امتداداً للعمل الدؤوب والخطوات المتسارعة التي تمّت في إطار تحقيق الأهداف الاقتصادية لرؤية المملكة 2030، سواءً من حيث توسيع نطاق عمل شركات القطاع الخاص، وفتح آفاق جديدة لها، أو من حيث السعي لإيجاد العديد من الوظائف الجديدة والنوعية لأبناء وبنات الوطن.

ويحمل البرنامج عدداً من المزايا والخصائص، لعلَّ من أبرزها: خلق أرضية قوية وصلبة تساهم في دعم المنشآت المحلية، وبالتالي تمكينها من زيادة إنتاجيتها ورفع وتيرة استثماراتها المحلية وتوسيع نطاق عملها، بجانب فتح مجالات واسعة للتعاون بين القطاعين العام والخاص وتبادل الخبرات والمنافع، وذلك بما يخدم اقتصاد المملكة ويصب في مصلحة المواطن.

فضلاً عن ذلك، فإن هذا البرنامج التشاركي المبتكر، سيعمل -بمشيئة الله تعالى- على مساعدة القطاع الخاص في التعافي من آثار جائحة كوفيد- 19، وكذلك سيساهم في زيادة مرونة المنشآت المحلية الكبرى ودفع عجلة تنافسيتها على المستويين الإقليمي والعالمي، إضافة إلى تحفيزها لعقد شراكات مع المنشآت الإقليمية والعالمية وجذب الاستثمارات الأجنبية النوعية، وهذا أمر مبشر ومحفّز للقطاع الخاص.

وأرى من وجهة نظري الخاصة، أنَّ برنامج شريك، يعد واحداً من أكبر البرامج التشاركية، التي تمَّ إطلاقها على المستويين الإقليمي والعالمي، لما سيقوم به من مساهمة كبيرة في مساعدة شركات القطاع الخاص على تحقيق أهدافها الاستثمارية وزيادة تنافسيتها، لتصبح كيانات اقتصادية رائدة، إذ من المتوقع أن يساهم البرنامج بضخ استثمارات تقدر قيمتها بنحو 5 تريليونات ريال في الاقتصاد المحلي حتى عام 2030؛ وهذا سيساعد على تنويع موارد اقتصاد المملكة وزيادة مرونته، وتعزيز مكانته بين اقتصاديات دول مجموعة العشرين الأقوى اقتصادياً في العالم.

وعلى القطاع الخاص أن ينظر إلى برنامج شريك باطمئنان، لعدة أسباب، يأتي في مقدمتها: الإشراف المباشر من سمو ولي العهد، حيث جرى تصميم البرنامج ليصبح جزءاً أساسياً من خطة النمو الاقتصادي والإستراتيجية الوطنية للاستثمار، بجانب أن لجنته تضم نخبة من الخبراء وكبار المسؤولين، من بينهم وزراء القطاعات الاقتصادية، ورؤساء هيئات معنية بهذا الجانب، وكذلك عدة جهات أخرى ذات علاقة، وقد توضحت المواءمة التامة بينها من خلال الأهداف والممكنات والخطط الزمنية للإنجاز، المرتبطة برؤية المملكة 2030.

ولطالما أكدت في الكثير من مقالات سابقة أنَّ العلاقة بين القطاعين العام والخاص هي علاقة تقوم على مبادئ ومفاهيم التشاركية لا التنافسية؛ لأنَّ مثل هذه المفاهيم تفتح مجالات واسعة للتعاون والتكامل والتكاتف، وانطلاقاً من ذلك النهج المتطور، فإن القطاع الخاص سوف يتحول إلى لاعب رئيسي، بحيث تهدف المبادرة إلى رفع نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 65 في المائة، في عام 2030، بحول الله تعالى.

وأحب أن أشير إلى ضرورة ضمان تقديم الدعم المستدام للقطاع الخاص من خلال هذا البرنامج، إذ ينبغي أن يركز بشكل أوضح على المنشآت المتوسطة والصغيرة وكيفية تمكينها ودعمها لأداء الدور المنوط بها لتحقيق مستهدفات البرنامج. ومن المهم جداً إيجاد آلية للتواصل الدائم مع القطاع الخاص وإحاطته بمراحل التقدم في البرنامج والأخذ بمرئياته حيال كل مرحلة مضت وما يمكن تطويره للمراحل التالية.

ختاماً، يمكن القول: إنَّ مبادرة برنامج شريك تمثل حقبة جديدة لشراكة أوسع، من أجل بناء اقتصاد حيوي وللمساهمة في تأسيس مسارات جديدة، من أجل تحقيق تنمية مُستدامة لمملكتنا. ويؤكد إطلاق هذا البرنامج مجدداً مدى ثقة الدولة في إمكانيات وكفاءة القطاع الخاص، إضافة إلى أن التجاوب الكبير الذي وجدته هذه المبادرة يدعو إلى التفاؤل بمستقبل زاهر، يصب في مصلحة الوطن والمواطن بإذن الله.