لم تعد الإعلانات التجارية مجرد فكرة أو نمط متكرر تتخذه الشركات لطرح منتجاتها، لكنها أصبحت متخصصة، حتى أن عددا من الدراسات الأكاديمية العلمية والعملية أكدت أن معرفة العميل المستهدف أحد أهم ركائز التسويق.

ومع كون السوق السعودي والفرد السعودي تحديدا من أهم العملاء المستهدفين لمختلف الشركات سواء محلية أو عالمية، لما يتمتع به من مقدرة شرائية، وذوق رفيع في شراء المنتجات، إلا أن عددا من شركات الإعلانات الكبيرة تستعين بغير سعوديين في أداء إعلاناتها، حيث تجعلهم يرتدون الزي السعودي أو ما يماثله، ولكن بشكل مستفز وغريب، يكشف أن المسؤول عن الإعلان لا يمت بصلة ولا حتى معرفة بالمجتمع السعودي.

دور ريادي

تتمتع المملكة بدور ريادي، من بين الدول الرائدة التي تسعى الوكالات الإعلانية العالمية إلى إنشاء مكاتب لها فيها، إضافة إلى نشوء عدد من الوكالات المحلية التي يديرها شباب سعوديون، لكن على الرغم من ذلك، فإن المجتمع السعودي يصدم في كل فترة بإعلانات لشركات كبرى تظهر أشخاصا كأنهم سعوديون يرتدون الزي السعودي أو ما يشبه الزي السعودي بشكل مستفز وغريب، إلا أنه لا يمت للزي السعودي أو حتى الخليجي بأي شكل من أشكال الصلة، فالزي السعودي يعد من الأزياء المتميزة في الشرق الأوسط لما به من أناقة وفخامة في الملبس، إضافة إلى ما يحتويه من أنواع فاخرة من القماش، ناهيك عن تنوع موديلاته وتفصيلاته، وليس كما يظن بعض البعيدون عنه أنه مجرد ثوب وقطعة قماش على الرأس مربوطة برباط أسود.

ونشطت في الفترة الأخيرة إعلانات من هذا النوع، حوّلها المتابعون والمستهلكون إلى مادة للسخرية حيث تناولوها بالتهكم على وسائل التواصل الاجتماعي، مما دعا عددا من الشركات إلى سحب وإزالة إعلاناتها بعيد انتشارها لتجنب تلك السخرية.

تساؤلات

طرح عدد من المهتمين أسئلة رأوا أنها جوهرية في مسألة سحب الإعلانات، ومنها، لماذا توافق الشركة التي يتم الإعلان لمنتجها على مثل هذه الإعلانات لتتجنب التورط في الاضطرار إلى سحبها بعد عدم قبولها من المستهلك المستهدف، وكونها كذلك، لماذا لا يتم استغلال المواهب السعودية في قطاع الإعلانات والتسويق، خصوصا أنه أثبت جدارته في عدد من الإعلانات التي حصدت جوائز عالمية ومحلية؟.

استسهال وتجنب تكاليف

يوضح أستاذ الإعلام في كلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مسفر الموسى، أن من الأسباب الرئيسة لهذه الظاهرة أن «بعض وكالات الإعلانات الدولية التي تلجأ إليها الشركات السعودية تستسهل وتستخدم مؤدين لتقديم الإعلانات دون بذل أي جهد أو تجنبا لتحمل تكاليف إضافية، فتستعين بغير سعوديين، وهنا يظهر الخلل في الزي واللهجة والنمط الثقافي».

وأكد الموسى أن «الأثر السلبي الذي يظهر من الإعلان سيعود على السلعة وعلى المنتج الثقافي إذا اعتبرنا أن السلعة المعلن عنها تمثل الواقع والثقافة النابعة من المجتمع وتشوهها، وللأسف فإن الأجنبي الذي لا يعرف الهوية والزي الحقيقي للثقافة السعودية يتخذها ويجعل منها موضة ويقلدها على أنها صحيحة وليست خاطئة، وذلك بسبب الصورة الإعلانية التي شاهدها واتخذها كمثال له».

حلول ممكنة

عن الحلول التي من الممكن أن تلغي هذه الظاهرة، أفاد «لا بد أن ينبع الحل بشكل أساسي من الشركات السعودية المعلنة، والذي يتمثل بعدم الاعتماد بشكل رئيس على شركات أجنبية خارجية لا تعرف الهوية والمجتمع السعودي».

وأضاف «يجب إنشاء معاهد لتدريب وتطوير الشباب على خلق الإعلانات والإنتاج الإعلاني، حيث إن الأكاديميات تخرج ضمن برامجها للبكالوريوس تدريبات تطبيقية للإعلان، خصوصا أنه سوق واعد للشباب السعودي، ولا ينبغي أن تكون الإعلانات محتكرة لدى شركات أجنبية».

العالم قرية صغيرة

أوضح المسؤول في وكالة «ألبرت بروموسفن» مارك لاوندس في السعودية أن العالم أصبح قرية صغيرة، وقال «نحن كقطاع دعاية وإعلان لا نعيش في عزلة عن العالم، بل نحن داخل هذا المجتمع، لذلك من المفترض دراسة كل فكرة إعلانية مطروحة بشكل كامل وعدم تنفيذها بعشوائية ودون دراسة لكي تصادف النجاح المطلوب».

وأكد «في السابق عند ظهور خطأ في الإعلان سواء كان في المضمون أو في الهوية الثقافية سواء من ناحية الملبس أو اللهجة وخلافه، كان قلة من متلقي الإعلان يتندرون عليه، أما الآن فالوضع أصبح مختلفًا، خصوصًا في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث أصبح المتلقي يدقق بشكل كبير في الإعلان وطريقة طرحه».

ضرورة توظيف سعوديين

بين مارك أن السبب الأساسي لظهور مثل تلك الأخطاء هو عدم توظيف الوكالات الإعلانية في السعودية لموظفين سعوديين يقومون بإضافة اللمسات الخاصة بالمجتمع والهوية السعودية منذ بدء طرح فكرة الإعلان. وأضاف «من المشاكل الأخرى التي قد تؤدي إلى ظهور مثل تلك الإعلانات هو قيام بعض شركات الإعلان بطرح نفس الإعلان الأصلي والذي كان يستهدف دولا معينة مع فارق القيام بالترجمة إلى اللغة العربية فقط، وهذا من الأخطاء الشائعة التي يقع بها عدد من الشركات العالمية».

السعودية قارة

يشير مارك إلى أن المملكة العربية السعودية تعد وحدها قارة سواء من ناحية الكثافة السكانية أو تعدد المناطق وتنوع الثقافات بها، إضافة إلى القوة الشرائية التي يتمتع بها الفرد السعودي، حيث إن السعودية تعد من الدول الأعلى عالميا في القوة الشرائية، إضافة إلى الذوق الفريد الذي يتميز به السعودي، وقال «من الضروري أن تقوم الوكالات الإعلانية العالمية بإنشاء مراكز إقليمية لها داخل المملكة وذلك لمكانة المملكة عالميا».

وأشار إلى أنه منذ إنشاء وكالة «ألبرت بروموسفن» في السعودية كان توظيف السعوديين من الواجبات والشروط في الوكالة، وبالتالي فإن أخطاء مثل هذه لا تجد طريقها إلى أعمال الشركة، وقال «نحرص على التدقيق في أدق التفاصيل في الإعلان سواء كانت تلفزيونية أو مقروءة وغيرها».

عيوب في الإعلان الموجه للسعوديين

غياب الإقناع

الاستعانة بغير السعوديين لتأدية دور السعودي

البعد عن الثقافة والمفاهيم السعودية

الاكتفاء بترجمة الإعلان الأجنبي للعربية

حلول

الاستعانة بكوادر سعودية أقرب لواقعها ومجتمعها

استثمار المواهب السعودية في الإعلان

إنشاء شركات دعاية وإعلان محلية