تبرأ ذات مرةٍ محمد الرطيان من المقالات، التي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي وتذيل باسمه. يقول محمد: بأن تبرأه منها ليس من كونها جريئة، بل من كونها ذات لغة رديئة ووقحة أحياناً.

تنتشر حالياً ومنذ فترة طويلة في مواقع التواصل الاجتماعي، حكاية منسوبة لحمد الجاسر، تدور حول سؤال أحد المحاضرين المصريين له، عن بلده ومعايرته بمسيلمة بعد أن عرف أنه من نجد.

والحقيقة أن هذه الحكاية ليست للشيخ حمد، بل لإبراهيم بن محمد الحسون، حيث يقول في خواطره وذكرياته - المجلد الأول صفحة 225 - أنه عند يوم تخرجه في مدارس الفلاح بجدة عام 1352هـ، وكتقليد درجت عليه المدرسة في أن تقدم الدعوات، لنخبة من ذوي الثقافة والفكر، وبعض أعيان جدة، ليحضروا ويتولوا اختبار طلاب المرحلة الأخيرة، كنوع من التكريم. يقول: «كان من نصيب مجموعتنا أن تم اختيار حافظ بك عامر، سفير مصر في المملكة، وحافظ هذا عندما جاء كان محتداً نوعاً ما، من بعض إجراءات المدرسة في الاختبار، هذا الجو المشحون انعكس علينا كطلاب مُختبرين، فارتبكنا بدورنا، وعندما وجّه السفير المصري النظر إلي، وقال لي أنت قم، سألني حينها هل تصلي؟ فضحكت من سؤاله. ثم عاد وسألني: لم تضحك؟ فقلت: هذا السؤال لا يوجه لمن ولد وترعرع في مهبط الوحي ومولد الرسالة، فالصلاة جزء من كيانه، وهذا السؤال يكون مقبولاً لو وجه لأحد طلاب مصر. ولما سمع كلامي تحفّز الرجل وسألني من أين أنت؟ فقلت من نجد. فأدار رأسه للوراء وقال بنبرة فيها سخرية وتحد: آه أنت من بلد مسيلمة الكذاب. يقول إبراهيم: كانت الأنظار كلها متجهة إلي، فاستجمعت قواي وقلت: نعم، إذا كنتُ أنا من بلد مسيلمة، فمسيلمة لم يزد على ادعاء النبوة، بينما سعادة السفير ينتمي إلى مصر التي قال فرعونها: أنا ربكم الأعلى. وهنا ضجت المدرسة بالتصفيق، وعلى رأسهم مدير المدرسة.

أذكر هذه الحكاية لأعيد الحقيقة إلى أصحابها أولاً، وثانياً لكي أؤكد على أهمية البحث في مصادر المعلومات، حول حقيقة بعض الأمور والحكايات، التي تواجهنا في الحياة. والتي نستطيع اليوم أن نبحث فيها، نتيجة لما بين أيدينا من أجهزة تتيح لنا البحث في الأماكن العلمية والعملية والتعليمية كافة، والتي يجب ألا نأخذها على علّاتها.

أعتقد أنه في خضم هذا البحر المتلاطم من التدفق المعلوماتي، يتوجب على العارفين والمدركين بيننا، أن يتأكدوا من الحكايات والحقائق والمعلومات كافة، بالبحث عنها وتدقيقها قدر الإمكان. ولو كنا نتحقق من المقالات والعبارات، التي تأتينا في مواقع تواصلنا، وخصوصاً الواتساب، لما استدرك أستاذنا الجميل محمد الرطيان، ونوّه بأنه لا علاقة له بتلك المقالات المضللة.