يذكر الدكتور صالح التويجري في كتابه ويسألونك عن الإدارة؛ أن اليابان في بداية السبعينات ابتكرت وسيلة جديدة للتعليم العالي، حيث أصبح من الممكن مشاهدة البرامج التلفزيونية أو الاستماع إلى بعض البرامج الإذاعية، حيث يمكنك في النهاية الحصول على شهادة جامعية في الآداب. ولأهمية هذه الفكرة، فقد تم عرضها على البرلمان الياباني، الذي وافق عليها، وأصدر بشأنها قانونا يسمح بها. مما أثار الجدل حول واقعيتها من عدمه. إلا أنه تم تطبيقها بالفعل في عام 1984. وتم تسجيل عشرة آلاف طالب فيها بصفة مبدئية. مما جعل المخططين اليابانيين يعتقدون حينها أنه نتيجة لهذا الخطوة ستنتشر الإذاعات وستصل إلى 80% من أنحاء البلاد.

ويستمر الدكتور صالح فيقول: إن هذه الفكرة العجيبة جاءت من القادة اليابانيين من أجل جعل التعليم الجامعي متاحًا لجميع أفراد الشعب، خاصة الطبقة العاملة وربات البيوت وكل الذين يجدون صعوبة في الحضور بانتظام إلى الجامعات، والذين بدورهم يرحبون بهذه الفكرة على أساس أنها تتيح أمامهم فرصة للتعليم مدى الحياة، خاصة أولئك الفئة التي تجد صعوبة في استكمال تعليمها العالي بسبب ظروفها العملية. وقد أجرت وزارة التعليم اليابانية استطلاعًا للرأي جاءت نتائجه بأن 45% ممن بلغوا الثامنة عشرة فما فوق يؤيدون الاستماع إلى محاضرات جامعة الهواء.

بعد قراءتي لهذه الفكرة، بدأت أتساءل -وأنا شخصيًا مع تسهيل وسائل التعليم المستمر وتقليل تكلفته- حول ما هي الوسائل اليوم التي من الممكن أن تتجه إليها وزارة التعليم والجامعات، ومن ثم يمكن لها أن تعمل عليها مبادرات نوعية تكفل للجميع الاستماع إلى الأصوات العلمية من أعضاء هيئات التدريس ومن الباحثين في كافة العلوم المتنوعة.

أعتقد أن كل جامعة من جامعاتنا لو فتحت لها قناة في تطبيق البودكاست، ووظفت عليه عددًا من موظفيها أو متعاقديها، ومن ثم وضعت حلقات أسبوعية مع منسوبيها، بحيث أصبحت علومهم وأبحاثهم التي يتحدثون بها في القاعات متاحة للناس في جوالاتهم وهواتفهم؛ أظن أننا بعد عدد قليل من السنوات سوف نسيطر علميًا وبشكل كبير على هذا التطبيق المدهش والعظيم، وسوف نخلق فيه صورة مدهشة عن بيوت المعرفة والعلم في جامعاتنا الحكومية والخاصة.

عزيزي القارئ المسؤول في وزارة التعليم، وفي جامعاتنا الموقرة، هل استمعت من قبل إلى المقابلات التي تجري في قنوات البودكاست؟ هل اطلعت على تجربة قناة ثمانية السعودية على هذا التطبيق؟ هل استمعت إلى حلقات قناة فنجان المتفرعة من هذه القناة؟ وكذلك قناة سقراط التي بدأت مستقلة ومن ثم استحوذت عليها قناة ثمانية؟ هل اطلعت على الجهات الحكومية والخاصة التي أدركت أهمية هذا التطبيق وبدأت العمل على الانتشار بداخله؟

أنا حقيقة معجب بقناة ثمانية السعودية، وممتن لكل الجهات التي بدأت التواصل معهم من أجل دعم انتشارهم، الذي هو في حقيقته توصيل للعلم والمعرفة وسعة الإدراك. وأتمنى لهم التوفيق وأن يصبحوا هم الصوت الأقوى عربيا في هذا التطبيق الجديد المهم.