هل سمعت أو قرأت عزيزي القارئ عن جبل «إلال» أو أين يقع؟. هل تعرف معلومات ولو مبسطة عنه يمكنك من خلالها تخمين مكانه؟. إذا كنت لا تعرفه، فأود أن أبلغك أن جبل «إلال» هو جبل عرفات أو جبل الرحمة، الذي يقف عليه المسلمون اليوم في مكة.

هذا هو مسماه القديم في الجاهلية، وعلى الرغم من أنه لا ميزة فيه، كما يذكر موقع «أشراف الحجاز»، نقلا عن الشيخ بكر أبو زيد «هذا الجبل لم يأت له ذكر قط في السنة، ولا يوجد في فضله حديث أو أثر»، فإنه يحتل مكانة كبيرة في نفوس المسلمين وأرواحهم.

طبعا لن أتحدث عن هذا الجبل لا من الناحية الجغرافية ولا من الناحية الدينية، فأنا لست ملما بهذه المجالات، ولكنني أحببت أن أنطلق من هذه الفكرة لأتساءل عن غياب وزارة الثقافة نوعا ما عن الحضور المؤثر والقوي في هذا المشهد العظيم، الذي تتجه خلاله أبصار العالم الإسلامي أجمع للمملكة العربية السعودية بوجهٍ عام، وإلى مكة بوجهٍ خاص.

في ظني أن وزارة الثقافة لا توجد لها بصمة قوية في هذا الملف، وما زال هناك غياب نوعا ما منها به، على الرغم مما تملكه تلك المنطقة من تاريخ ثقافي ضارب في القدم، الذي يمكن للوزارة أن تجعل منه مادة ثرية جدا تبثها في وسائل التواصل العالمي عن هذه البقعة التاريخية العظيمة.

المشاهد الموجودة في الأذهان عن مكة وبطاحها، وعن الحج ومشاعره، غالبا تدور حول موقف نبينا إبراهيم عليه السلام عندما ترك زوجته وابنه في واد غير ذي زرع، وحول مشاهد الصراعات التي حصلت بين «قريش» ورسول الله، عليه الصلاة والسلام، وصحابته في أندية الكعبة وصوالينها المحيطة بها، وكذلك عندما حج النبي الكريم حجة وداعه، فهذه هي المشاهد الأساسية لدى غالبية المسلمين.

أما في الحقيقة، فإن مكة ومشاعرها تحمل تاريخا ثقافيا عظيما ومدهشا، يمكن أن يتم استثماره معرفيا من خلال إعادة نشر المؤلفات التي صدرت في هذا الشأن، وكذلك تبسيطها ونشرها في الصحف ووسائل التواصل، ومن خلال المتاحف والمواقع المقامة بشكل دائم أو مؤقت في مكة نفسها أو في الأماكن من حولها.

بالطبع لو كنتُ مسؤولا في وزارة الثقافة لوضعت أولا إستراتيجية لتطوير ثقافة خاصة بالحرمين الشريفين بشكل عام، وبمكة ومشاعرها بشكل خاصة، ولدعمت ثانيا المنتجات الثقافية الفكرية التي توضح للعالم أهمية وعظم هذه البقعة الجغرافية من العالم. الهدف من هاتين الخطتين إيصال ثقافة المملكة بطريقة ناعمة وذكية إلى شعوب العالم الإسلامي كافة.

قلت، في منتصف المقال، إن وزارة الثقافة غائبة عن الحج ومشاعره، والحقيقة أنني قد لا أكون ملما بهم فعليا، فقد يكون لهم حضور لا أعلم عنه، وهنا أسألك عزيزي القارئ، لتحدد أنت الموقف بشكل صحيح: هل ترى لوزارة الثقافة حضورا في مواسم الحج يماثل حضور وزارة الداخلية أو وزارة الصحة؟.