«قدِمَ النبي -صلى الله عليه وسلم- ولأهلِ المدينةِ يومانِ يلعبونَ فيهما في الجاهليةِ، فقال: قدمتُ عليكم ولكمْ يومانِ تلعبونَ فيهما في الجاهليةِ، وقد أبدلكُم اللهُ بهما خيرا منهما: يومٌ النحرِ، ويومُ الفطرِ»، يوم النحر، الحج الأكبر يأتي عقب يوم عرفه اليوم العظيم بهِ يتجلى الله، جل في علاه، ليباهي بعباده، كما أخبر رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، ولما كان إظهار السرور والفرح في هذا اليوم المبارك من محاسن الدين الإسلامي وتحديث بأنعم الله علينا قال تعالى: «َأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ»، فإن يأتي يوم العيد ونحن بمأمن وأمان نعمة، أن يمن الله على بلادنا بحج ميسر نعمة، أداء النسك نعمة، والصحة، والعائلة والمسكن.. إلخ، قال تعالى: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا». للعيد ألوان وصور تختلف باختلاف الثقافات والموروثات الاجتماعية، لكنه تنبع من ذات النبع، عمادها الدين وأساسها العقيدة، وإن تفرقت الأمصار وتقلبت الألسن، صلاة العيد يشهدها جميع المسلمين رجالًا ونساءً شيوخًا وأطفالاً، لتقوّى بها أواصر المحبة بين المسلمين وتوثّق عُرى الأخوة والانتماء، تبادل التهاني والتوسعة على الأهل والأقارب بتقديم الهدايا، والتلطف بالفقير من البر الذي أوجب الله لنا وعلينا، وحببته السنة النبوية الكريمة.

ولكل نكهته وطابعه الخاص، ولنا في عسير لون خاص، عبق رائحة مميز يأخذ من السهل كما أخذ من الجبل، جيل يرثها من جيل، في أكثر المناطق الجنوبية.

وفي الغالب إن لم يكن الكل ينحرون ويذبحون في بيوتهم في جو عائلي يجتمع به الصغير والكبير، مهللين موحدين مهنئين بعضهم، لتبدأ طقوس يوم خاص بمكان خاص، «الحنيذ» أشهر ما يُعرف بهِ الجنوب لكن في العيد له ميزته الخاصة.

فغالب الإباء يتقن في صنعه ليتجلى به أهم مظهر من مظاهر عيد الأضحى، ليكون الوجبة الرئيسية لتجتمع العائلة عليه ويحضر بعيدهم وقريبهم. ولا تقف مظاهر العيد على العائلة فقط، لكن تتخطى ذلك للمجتمع بعلاقة تكافلية يشترك فيها الجار والقريب بالفرح والحزن، فمن كان له فقيد بذاك العام مات له ميت أو عرض له عارض من عوارض الزمان، يجتمع إليه الأقارب والجيران وكل يأتي بشيء من عيده "طبق يطبخ من لحم الأضحية"، مشاركة أو مؤاساة لتصب في قالب اجتماعي متأخ مترابط برابط الدين القويم.