من نقطة النهاية تكون الانطلاقة، فقد يجهل البعض أن العمل بدأ من الآن، لموسم الحج القادم بكل التفاصيل. فالاستعدادات المبكرة وتسخير الإمكانيات كافة، كانت سببا جوهريا في النجاحات المتتالية والقفزات المتطورة في موسم الحج، حتى أصبح ذلك الحدث يمثل واجهة مشرقة، لما تعيشه المملكة من تنمية مستدامة، وتميز على الأصعدة والمجالات كافة، حتى تموضع ذلك النجاح وسط أنظار العالم ومدى قدرة المملكة على تسيير الحشود وإدارة الحدث، وبكل احترافية في ظل أزمة صحية راهنة. جميع تلك المقومات ما كانت لتتحقق لولا إدارة سعودية حكيمة، وجهت أجهزة الدولة كافة الإمكانيات والطاقات لخدمة حجاج بيت الله الحرام.

الحديث عن تلك النجاحات من منطلق وقائع وحقائق تؤكد التميز السعودي الدائم، ذلك التميز المتراكم والنابع من مشاريع تنموية عملاقة ومستدامة. ولعلنا هنا نفتح نافذة أحد المشاريع الممكنة لإنجاح موسم الحج، والتي توليها القيادة اهتماما بالغا، وهي هيئة تطوير مكة المكرمة والتي ترأس مجلس إدارتها مستشار خادم الحرمين، أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل. تلك الهيئة التي تقوم بعمل دؤوب من نقطة البدء تحت إطار رؤيتها، التي انعكست على مشاريعها في أرض الواقع حيث التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة.

هذا المشروع الحيوي يرتكز على قيم ساهمت في نجاحه بشكل لافت، حيث تمثلت في المسؤولية والإتقان، والرقابة الذاتية والإنصاف والتعاون، ولك أن تقيس مؤشرات أداء تلك القيم، من خلال الوقوف الفعلي على تلك المشاريع ومدى دقه تنفيذها.

مشاريع الهيئة غير مقتصرة على إطار ضيق أو محدد، بل ممتدة بامتداد المنطقة، ولنا في المنجز الضخم مسارات مركز الضبط الأمني بالشميسي، ذي الحلول التقنية والهندسية، في خدمة ضيوف الرحمن خير دليل وبرهان على الجهود الضخمة للهيئة.

الحديث عن تميز الهيئة ما هو إلا حديث عن رافد واحد من روافد عدة، جميعها صبت لخدمة الحجاج والمعتمرين، ولعل من الأمور التي أجبرت الانتباه على الالتفات مؤخرا، التطور التقني الهائل والفريد من نوعه، حيث أصبحت الخدمات الإلكترونية المقدمة مؤخرا للحجاج، نموذجا في رقمنة الإجراءات وتجربة «نسك» خير دليل عليها بأن قدمت نموذجا إلكترونيا مميزا، هو الأول من نوعه في مناطق التجمعات منذ بدء الجائحة.

ذلك التميز التقني لم يكن وليد اللحظة، إذ إنه امتداد طبيعي لحالات التحول التقنية في القطاعات كافة بالمملكة، من حيث أتمتة الإجراءات وسهولة وسرعة إنجازها، مع جودة الخدمات التقنية ووجود أرضية صلبه لذلك. بالإضافة إلى عمل دؤوب ومبهر من قبل هيئة الحكومة الرقمية، والتي كانت لاعبا مهما ورئيسيا في ذلك التحول الرقمي، كل هذه الممكنات جعلتنا نسابق الزمان تقنيا، وتحولت الممارسات المعقدة الآن عبارة عن ضغطة زر!

وتأكيدا بأن مشاريعنا التنموية ومنجزاتنا ليست شعارات وخططا على ورق، وإنما وعود تتحقق على أرض الواقع. لكم أن تعودوا إلى تصريح الأمير خالد الفيصل في حج عام 2018، حينما أعلن عن مبادرة الحج الذكي، وها نحن اليوم نرى ذلك الحلم واقعا ملموسا مبهرا.

إن المملكة قيادة وحكومة وشعبا، جميعهم سخروا كل الطاقات والإمكانات لخدمة الحرمين الشريفين وضيوف بيت الله، وهذا سلوك متأصل في جينات السعوديين، منذ توحيد البلاد على يد المؤسس الملك عبد العزيز.

يقول دايم السيف:

«وحنــا هَلَ التطــــوير صَقْــــر وجمَلْها

نــبني عــلى مبــنى السّلَــف عــــزّة الــنّفْس

ونفاخر الــعــالـم بنـــــــادر مثَلْــــــــــها

ونسابـــــق الأيـــــام ونوَرّد الخَمــــــــس».