تخيلوا ما كان يمكن أن يحدث بعد 30 عاماً لو لم تحدث هذه الانتفاضة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية التي نعايشها الآن؟ وما حدث خلالها من إنجازات ومشاريع وأفكار حضارية مبهرة.

فلننتقل عبر خيالنا وكأننا الحضور على مسرح الحياة بعد ثلاثين عاماً قبل هذا المناخ الحضاري الإبداعي.. طبعا هذا توقيت خيالي افتراضي.

عاد فلان بن علان من أمريكا إلى مسقط رأسه ووطنه، وكان قد اضطر للهجرة لأجل تسجيل اختراعه وتسويقه، حيث إن التسويق في وطنه كان ضربا من المحال، فقد يكون في هذا الجهاز نفر من الجن، أو عفريتة من العفاريت، وطبعا بحكم أنها عفريتة فلازم يكون معاها محرم، وإذا جاء معها جني، إيش يعرفهم أنه زوجها أو أبوها أو أخوها، وخاصة أن الجن ما سبق أحد شافهم، ما عدا الحكي عنهم من مدعيّ هزيمة الجن، وإخراجهم بالعصا التي لا ينالها إلا المجني عليه من المجرم الجني.

اضطر هذا المخترع للسفر إلى بلاد «برة وبعيد»، لعل وعسى عندما يعود بجنسية أجنبية تشرع له الأبواب المغلقة مع الاحتفال به بزفة كذابة.

ذهب أخونا إلى أمريكا، حيث حصل على الجنسية، وسجل اختراعه وسمى الجهاز آلة الزمن الذي بمجموعة معلومات تدخلها فيه وتحدد الوقت الذي تريد ينقلك إليه سواء إلى الوراء أو المستقبل، ويجعلك تشاهد ما يدور وكأنك حاضر.

وقد أقام لهذا المخترع مجموعة من الأصدقاء الحشريين مأدبة عشاء تكريما طبعا للجهاز الذي سمعوا عنه، وبعد العشاء سألوه يا عم فين الجهاز، قال سامحوني أنا أحضرته بالدس، رغم أنني أخذت عليه براءة اختراع، لأجل كذا يمكن ما أقدر أطلعكم عليه، فطاحوا عليه ووقع على الأرض، ومن شدة الطيحة وقع عقاله، مما سمح لأحدهم أن يسأله متهكما، يا أخونا حاطط عقال وغترة وأنت لابس بدلة، قال أوحشتني الغترة والعقال، فعندما وصلت أمريكا كنت ألبس ثوب وغترة، لكن منعوني لأنهم اعتبروا ذلك من الحجاب، فتضاحكوا، وقالوا أنت رجل وما عليك حجاب، رد هناك ما يفرقون بين الست والسيد، عموما لأجل طيحتكم علي، ونحن الأمريكان ما نهب للمساعدة إلا لما يطيح البني آدم أمامنا، وابشروا «فور يور إيز»، وأخرج الجهاز من جيبه ووضعه على وضع شغال «طبعا بدون إقامة» فسأل الجهاز الحضور «وات يو وونت» فطلبوا أن يضعهم في جو بعد ثلاثين سنة، على افتراض لم تكن رؤية 2030 حصلت، وليكن عن طريق الأحفاد، ونسمع حوارهم، فرد ابشروا أنتم ما جيتم في «كمل»، وفعلاً فإذا نحن وأحفادنا يتحدثون، وسمعنا ما يلي:

قال عبيد لزيد: هل قرأت اليوم مقال الأستاذ أبو العريف عن الإسكان، فرد إي والله مقال في الصميم.. تعرف أن الأستاذ أبو العريف الله يطول في عمره حصل قبل شهر على شهادة جينيس في الكتابة عن موضوع واحد أكثر من ألف مرة، وهو موضوع الإسكان، طيب على فكرة هو لا يزال يكتب في جريدة x، قال نعم، وهو من الكتاب المميزين، أضف لذلك رئيس التحرير متمسك فيه بأسنانه، فسأله هل رئيس التحرير أسنانه تركيبة؟ رد نعم وايش عرفك يا عفريت، رد الكتاب يقرأ من عنوانه لو في هذا الكاتب خير ما رماه الطير.

سألنا إيش أخبار رئيس التحرير، قال ما شاء الله بخير، والآن يروح لمقر الجريدة على رجليه «بعكاز» بدل السيارة، فقلنا هذا دليل نشاط، فرد لا السبب أنه عشان يوصل بالسيارة مع الزحام يبغاله 13 ساعة وعلى قدميه ساعتين، فسألنا طيب ليه، أجاب الشوارع على حطة يدك، قلنا خلينا من الصحف إيش أخبار السماح بالسينما، رد سمحوا بها، سألنا أكيد الأهل في السينما الآن، قال لا لسه السينما فتحت بس حضور الجمهور يدرس في الجهة التي خابرينها.

طيب والإسكان بشرنا عنه، أبشركم، أعلن قبل يومين أن أول مستفيد سيستلم الملحق الذي يخصه بعد شهر.

وماذا عن البعوض ومشاكله؟ انحلت بفكرة جريئة، سمنوا الناموس حتى صار ما يدخل من الشبابيك وبيفكروا يتعاملوا مع الذباب بنفس الفكرة.

طيب إذا قابلهم الإنسان خارج البيت إيش يسوي؟ برضه حلوها إذا يضايقك النامس اخرج في النهار وإذا الذباب خلي خرجتك في الليل.

أكيد راح تسألوني عن مشكلة قيادة المرأة للسيارة؟ أبشركم انحلت بفكرة جهنمية، سمح لها بقيادة السيارة، ولأجل منع الاختلاط صار الرجال يسوقون في الليل والسيدات في النهار. والشوارع أكيد تسفلتت؟ رد لا كيفوا السيارات مع الحفر، والسيارة المكسرة صارت غالية جدا ووين تحصل سيارة مكسرة للبيع.

طيب والشحاتين اللي في الشوارع عسى ترحلوا؟ رد لا تنظموا، وصار لكل واحد بطاقة، ودخلوا نطاقات وحافز، يجو عندك للبيت يشحتوا بكرامتهم، وإذا ما أعطيتهم يبلغوا عنك قسم الشحاتة، عاد الله يعينك لازم تشحت وساطة عشان تخرج.

وكيف صار مع مشاكل الجماهير في الملاعب؟ رد يحضر الجمهور في ملعب، واللعيبة يلعبون في ملعب ثاني، وانتهت الحمد لله المشكلة.

طيب مشكلة الشنط التي تهد حيل الطالب؟، رد أووه، يا أخي من فترة انحلت، وأنتم نايمين علي ودانكم، منعوا شيل الشنط، وصار الطالب يشيل الكتب ببقشة على ظهره.

طيب والترفيه؟ رد أبشركم أمس بدأ الترفيه حتى أول واحد من كثر الترفيه مات مسكين من الضحك، على الأقل مات وهو مبسوط.

طيب مشروع القطار خلص أكيد واشتغل؟ رد خلص وله كم سنة في المحطات بس ما اشتغل، ليه، لأن السواقين ما وصلوا، لأن المسؤول يقول لهم العمالة ما تجي قبل ما تسعودوا القطار نفسه ويدخل نطاقات، فصحنا نحن المجتمعين تكفى الله يخليك رجعنا ورا سرعة دخيلك ما حنا ناقصين وجع قلب.

الحمد لله أننا عايشين في زمن الرؤية.