عنونت الزميلة سارة دندراوي ظهوري معها في رمضان الماضي بـ«كاتب سعودي يهاجم بعنف الدراما الخليجية»، بعد ما ترجمت في مقالي لـ«الوطن» الإحباط الكبير الذي عايشناه نظير ما قدم دراميا من محتوانا المحلي، وعن خيبة الأمل التي تعرض لها المتلقي جراء ما قدم خصوصا في ظل الدعم المالي والترويجي الكبير لتلك الأعمال. ولعلي تحدثت مع الزميلة سارة في ذات السياق، وعن أهمية صناعة الدراما ومدى تأثير القوة الناعمة في صناعة الصورة الذهنية للدول، مستشهدا في ذلك بعدد من الأعمال الدرامية التي نجحت في الذهاب لأبعد من حدودها المحلية، ولكني أردفت ذلك الحديث بأن هناك بارقة أمل في محتوانا الدرامي، خصوصا في ظل الاهتمام البالغ من وزارة الثقافة ووزارة الإعلام في صناعة جيل مميز، إضافة إلى وجود كوادر سعودية مميزة قادرة على صناعه الفارق متى ما تم تمكينها.

ولعلنا شاهدنا النجاح المبهر لفيلم «حد الطار» الذي جاء تزامنا مع الحضور اللافت لمسلسل «رشاش»، وقبلهما فيلم «شمس المعارف»، والذي من خلالها تغير المزاج والانطباع العام حول محتوانا الدرامي، أو بمعنى آخر نشأت بقعة ضوء متفائلة بعد عتمة طويلة لأعمالنا الدرامية لينساق تساؤل مهم لماذا نجحت هذه التجارب الأخيرة؟ وللإجابة على ذلك التساؤل، فلا بد أن نعرف أن الجزء الرئيسي لنجاح أي عمل مرهون في مدى قدرته على التعايش مع الواقع المجتمعي وإضافة اللمسة والحبكة الدرامية، وهذا ما نجح به «حد الطار» و«رشاش» فأصبحت الأعمال تشبهنا. علاوة على أنهم تحرروا من عقدة التواجد الرمضاني، والأهم من ذلك أن رهانهم كان منصبا على جودة العمل بكل تفاصيله من سيناريو وتمثيل وإخراج لا أن يرتكزوا على مسمى ممثلين تحت قاعدة «اسم الممثل يبيع»، إضافة إلى قدرة العملين على التفكير خارج الصندوق وإحداث جانب التشويق.

إن الإمكانيات المتوفرة المادية والبشرية وهي الأهم تجعلنا نرفع سقف التطلعات والطموح بأن نذهب لما هو أبعد من ذلك، وألا تكون جغرافية ذلك النجاح محلية، فنحن نمتلك كافة المقومات لأن نصل لآفاق أبعد، فلدينا منصات إعلامية تؤهلنا للوصول للمشاهد العربي، ومخزون من القصص في إرثنا الثقافي ما يمكنا من ترجمتها على الشاشة وإبهار الملتقي بها، إضافة إلى أن لدينا مشروعا حكوميا شاملا في كيفية صناعة الصورة الذهنية تشترك بها العديد من الجهات.

من المهم جدا الإشارة إلى أنه ليس من الضرورة أن يكون النجاح متوازيا بين الأعمال التلفزيونية والسينمائية فقد يتجاوز قطار أحدهما الآخر، وهو ما حدث تماما للتجربة الدرامية الإسبانية فهي نجحت في اختراق المشاهد سينمائيا عبر منصة «نتفليكس» بينما لم تحقق ذات الصدى والنجاح عبر التلفزيون، ولهذا فإنه من المفترض ألا نجعل الأعمال تحت وطأة الضغط الملزم بالنجاح للمجالين، فلو تمكنا من صناعة بصمة في أحدهما دون الآخر فإن ذلك يعد أمرا جيدا جيدا.

يقول دايل أحد أبطال فيلم «حد الطار» «إذا ما قدرت تعيش مع اللي تحبه، على الأقل تخليه هو يعيش مع اللي يحب»، وأنا أقول هنا للأستاذ مفرج المجفل وبقيه الطاقم، شكرا لأنكم بهذه الأعمال تحببونا في الدراما وتجعلونها تشبهنا.