تطور استخدام الكمبيوتر في عدد من المجالات، ليصبح صديقاً ملماً بكثير من المعلومات، متمكناً من الإجابة، عن أي استفسار يطرح عليه، فمثلا يمكن للشخص أن يكتب: «من هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية؟» في أحد محركات البحث، ليظهر له اسم الرئيس الأمريكي الحالي.

قدرة الكمبيوتر على الإجابة عن أسئلة المستخدمين بشكل آلي، تم الاستفادة منها في عدد من التطبيقات، كروبوتات المحادثة الآلية «الشات بوت»، وأنظمة الإجابة على استفسارات العملاء، والخدمة الذاتية في بعض الشركات.

وهناك عدة طرق لبناء خوارزميات الإجابة عن استفسارات المستخدمين بشكل آلي، من أحدثها تلك التي تعمل بطريقة عكسية، وهي أن يتم تصميم خوارزمية، هي من يقوم بصياغة الأسئلة، بناءً على المعلومات الموجودة في قاعدة المعرفة، ومن ثم يتم استخدام هذه الأسئلة المولدة تلقائياً، لتغذية أنظمة الإجابة الآلية.

قد يكون استخدام الطريقة العكسية، لبناء أنظمة الإجابة الآلية مجدياً، وتحديداً في حالة كتابة الأسئلة العامة أو البسيطة، أو تلك التي يمكن الإجابة عنها بمعلومة محددة، إلا أن هناك فارقاً كبيراً، بين طريقة البشر في صياغة الأسئلة، وتلك التي تقوم بها خوارزميات الذكاء الاصطناعي، فالبشر يمكنهم كتابة أسئلة عميقة، كالسؤال عن «لماذا؟» و«كيف؟»، والتي تتطلب التحليل الدقيق للمعلومات، للوصول لإجابة على مثل تلك الأسئلة المعمقة، وهذا الفارق هو ما دعا فريق بحث مشترك، بين الجامعة الوطنية بسنغافورة (National University of Singapore) وجامعة بيكينج (Peking University) الصينية، للقيام بتصميم خوارزمية يمكنها الكتابة الآلية للأسئلة عميقة، كالتي يسألها البشر.

يذكر الباحثون، أن إحدى العقبات التي تواجه خوارزميات الإجابة الآلية على الاستفسارات، أنه يتم تصميمها لتقوم بالإجابة على الأسئلة المتعلقة بالحقائق البحتة، بمعنى أنه إذا كان السؤال المطروح يبحث عن معلومة دقيقة ومحددة، فإن الكمبيوتر سيتمكن من الإجابة عن ذلك السؤال، باسترجاع المعلومة الصحيحة بشكل مباشر، من قاعدة البيانات، وإظهارها للمستخدم.

ولكن خوارزمية الكتابة الآلية للأسئلة العميقة، التي عمل عليها الباحثون، حرصوا فيها على أن يمكن للخوارزمية، البحث داخل قواعد المعرفة، عن معلومات مترابطة، ومن ثم تحليل العلاقات، بين تلك المعلومات، لتتمكن الخوارزمية في نهاية المطاف، من فهم الصلات بين تلك المعلومات، وبذلك يمكنها استنباط أسئلة عميقة، مقاربة لتلك التي يطرحها البشر، وبعد تفحص قرابة 300 سؤال تمت كتابتها آلياً، وجد الباحثون أن نظامهم تمكن تحقيق درجة عالية من الدقة، في كتابة الأسئلة العميقة التي تتطلب التفكير في عدد من الحقائق المترابطة بشكل منطقي.