من أصعب التحديات التي نواجهها هي القدرة على اتخاذ القرار السليم، لا سيما ومعظمنا يعمل منفردا، وكبشر فإننا نتأثر بالمشاعر والتوترات والاستفزازات التي تلاحقنا وتحيط بنا وتضغط علينا بشكل كبير في عملية اتخاذ القرار.

في أوقات كثيرة يكون اتخاذنا للقرار تحت ضغوطات كثيرة من أبرزها القرارات الفورية التي يتم اتخاذها لتهدئة رأي عام أو لرضا مسؤول أو لتخفيف حدوث أزمة أكبر في حال عدم اتخاذ ذلك القرار. ومما لا شك فيه فإن معظم القرارات التي نتخذها ونحن بمنأى عن الضغوط تكون منطقية وتشعرنا بالرضا والسلام الداخلي.

ورغم تعدد المنهجيات والتوصيات التي تتحدث عن كيفية اتخاذ القرارات السليمة فإنه دائما نجد أنه من السهولة قراءة الجانب النظري لهذه التوصيات والمنهجيات إلا أن تطبيقها يحتاج إلى اكتساب الخبرة والقدرة والتدريب الجيد على استخدامها لاتخاذ القرارات السليمة.

ولعل النهج النبوي العظيم في عدم اتخاذ القرارات ساعة الغضب يؤكد الحقيقة العلمية التي تجعل الشخص الغاضب غير قادر على السيطرة على مشاعره وتوتره ويترتب على ذلك اتخاذ قرارات قد تكون جائرة وتشعرك بالندم عندما تذهب موجة الغضب وتهدأ النفس.

إن ظاهرة الاختطاف العاطفي في اتخاذ القرارات في الأوقات الصعبة تتحدث عن العشر الثواني المهمة التي تفرق بين اتخاذ قرار انفعالي غير مدروس ومحسوب العواقب وقرار عقلاني ومنصف.

إن الاختطاف العاطفي يركز على رد الفعل الأولي لكل ما يتسبب في غضبنا أو خوفنا ويكون تحت تأثير منطقة في الدماغ تسمى «اللوزة الدماغية» فيتم إفراز هرمونات الأدرينالين بكميات ضخمة فتتسارع نبضات القلب وتضعف القدرة على التفكير والتركيز ويكون رد الفعل عنيفا وقويا، ولكن الجيد في عملية الاختطاف العاطفي أنها في معظم الأوقات تستمر لثوان معدودة قبل أن يعود الإدراك الطبيعي للشخص ويستطيع التحكم في رد فعله، ولهذا فنظرية الاختطاف العاطفي تؤكد عدم القيام بأي رد فعل في العشر الثواني الأولى لأي موقف مستفز أو عدائي، وخلال تلك الثواني المعدودة تنتقل قيادة رد الفعل من «اللوزة الدماغية» المسؤولة عن ردود الفعل السريعة إلى «قشرة الدماغ» وهي تلك المنطقة في الدماغ التي تحكم وتسيطر على انفعالاتنا وتصرفاتنا وتجعلنا قادرين على ارتداء قناع يخفي مشاعر الغضب ويستبدلها بضبط المشاعر والسيطرة على التوتر ليكون الرد واتخاذ القرار منطقيا وعقلانيا.

ويفضل دائما أن يتم اتخاذ القرارات المهمة في الأوقات التي نكون فيها أكثر نشاطا وحيوية، ويكون هذا مع بداية العمل وقبل الانشغال بالمؤثرات والمشاكل والتوترات والتي قد تنعكس لاحقا على قدرة العقل على التركيز.

كما يفضل عند اتخاذ القرارات الصعبة أن تجد لنفسك خلوة تراجع فيها أهمية القرار وكل المخاطر المحتملة لاتخاذ ذلك القرار. كذلك يفضل عند التعامل مع القرارات المهمة والصعبة أن يتم اتخاذها من خلال مجلس الإدارة أو المجلس الاستشاري وعدم الاستئثار باتخاذ الرأي منفردا. وأخيرا إن عملية اتخاذ القرارات ستظل عملية صعبة، لا سيما عندما ينقصنا الوقت والتركيز والوضوح.