معظم الناس تأسرهم أساليب المسؤولين الأذكياء الذين يلتقطون الفكرة بسرعة، ثم يردون عليها بإيجاز وإفحام يجعلان الطرف الآخر لا يمتلك أية حجة منطقية يستطيع التعليق بها. ولعل الشعبية الكبرى التي حصل عليها الوزير عادل الجبير، خصوصا أنه جاء بعد وزير خارجية عظيم مثل سعود الفيصل، يعود جزء منها إلى إعجاب الناس بردوده الهادئة والمتزنة، التي يستطيع فيها استدعاء كثير من الأفكار والمعتقدات الاجتماعية والسياسية والتاريخية والاقتصادية في عدد من الدقائق المعدودة، تجعل من أمامه في حيرة من أمره. كل ذلك يأتي في جو من الهدوء، وعدم الانفعال، وبكثير من السمت، مع ما يصاحبها من صوت رخيم، وبكلمات ومخارج صوتية واضحة.
في ظني أن الوصول إلى هذه الحالة من الردود المفحمة والقوية والدبلوماسية لدى أي مسؤول يعود بالأساس إلى الثقة القوية بالنفس، وهذه الثقة بطبيعة الحال لا يمكن الوصول إليها بسهولة وبساطة، حيث إنني أرى أنه من أجل الوصول إلى هذه المرحلة يتوجب على الشخص أن يفهم طبيعة عمله الذي هو مسؤول عنه، ويكون ملما بكثير من تفاصيله الدقيقة. كما أن عليه أن يحوز الدعم الكامل ممن يعمل معه، سواء من قيادات أعلى منه أو من فريق أدنى منه. أيضا من الضرورة بمكان أن يكون المسؤول مطلعا بشكل جيد على مستجدات أي موضوع يرغب في الحديث عنه، سواء بقراءة التقارير أو الإطلاع على الصورة بشكل إجمالي من خلال العاملين على هذا الملف أو ذاك. والأهم من ذلك أن يقتنع المسؤول بأنه يملك الشجاعة الكافية لتحمل المسؤولية إذا أخطأ، حيث إن هذا الشعور سيجعله يتصرف بشكل طبيعي وتلقائي مع أي موقف يمر به. كل هذه الأمور، مع القليل من الجهد في القراءة بالثقافة العامة في عدد من المعارف المتصلة بنشاطه الرئيس، ستجعل المسؤول قادرا على استحضار المعلومات بشكل جيد في وقتها المحدد.
بالمناسبة.. هل تتذكر أصداء لقاء ولي العهد في رمضان الماضي؟، هل تتذكر طريقة استدعائه واستحضاره أي معلومة أو رقم أو فكرة تاريخية أو سياسية أو اجتماعية وبدون ورق أو تلعثم؟. أنا لم أنبهر من الأمير، لأنني أعلم أن تحقيق «رؤية 2030» هو شغله الشاغل في هذه الحياة.