شنت الصين أخيرا حملة رقابية جديدة على السلوكيات العامة، دخلت حيز التنفيذ، كان الهدف منها هذه المرة «جعل الرجال أكثر ذكورة والحفاظ على الأخلاق»، إذ حظرت ظهور الرجال المتشبهين بالنساء على شاشات التلفزيون لا سيما برامج المنوعات وتلفزيون الواقع، كما أعلنت تشديد الرقابة على عروض الترفيه، بحسبما نقلت الإدارة الوطنية للإذاعة والتلفزيون الصينية (جهة رسمية)، الأيام الماضية على موقعها الإلكتروني.

ونوهت الإدارة إلى أن هذه السياسات من شأنها «تشديد القواعد على المحتوى غير الصحي» في البرامج التلفزيونية، كما أشارت إلى أنها ستحظر «أي مظاهر جمالية تميل إلى التشبه بالنساء» في العروض الترفيهية، لافتة إلى ضرورة منع ظهور «الشخصيات المبتذلة ذات التأثير الكبير على المجتمع، والترويج للصورة الذكورية للرجال».

وقد استوقفني هذا الخبر كما استوقف شريحة كبيرة من المجتمع، إذ وكما يبدو أن الصين تفطنت- أخيرا- قبل غيرها إلى الدور الفعال لصناعة القدوة، في ظل العالم الرقمي المتزامن مع فوضى التردي القيمي والأخلاقي والسلوكي الذي بدأ يتخذ طابعا شبه عام.

وتحت حالة الخلخلة العامة وعدم الاستقرار السياسي، فإنه من البديهي أن دولة تتطلع للسيادة مثل الصين لا يمكن أن تقوم قائمتها العسكرية متكئة على فئة بين الجنسين يغلب عليها الطابع (الناعم)!

ويحضرني أثناء كتابة هذا المقال النماذج المشابهة التي اكتسحت، مؤخرا، «سناب شات»، وتم توثيقها لشعبيتها الكبيرة، ودورها الفعال في الهبوط بوعي الشباب الصاعد من رتبة إلى رتبة أقل، وكذا الحال مع صفاتهم الذكورية الخشنة وتحويلها إلى رتبة يغلب عليها (التميع) وجعلها شيئاً طبيعياً جداً بل عادياً ومعتاداً!

ويحدوني في هذا الصدد التساؤل لماذا يُفتح الباب لقدوات ورموز جديدة مشوهة يسهم في خدمتها إعلامنا ويضخمها بالمال والشهرة، لماذا يُضرب المجتمع في أخلاقياته من خلال الترويج لنجوم الخواء وتهميش القدوات الحقيقية التي من الواجب تسليط الضوء عليها وجعلهم نجوماً حقيقيين، وهل كل هذا جزء من الزحف الثقافي الغربي؟

ونؤكد تباعاً لذلك أننا بحاجة لأن نفتح عين الرقيب على آخرها في المدارس والأندية الرياضية وغيرها، كما أننا إضافة إلى ذلك بحاجة ماسة إلى خطط إعلامية محكمة ومدروسة تبدأ من حيث ما بدأت به الصين لتنظيف الساحة من الغثاء الذي قد تكون عواقب وجوده على بعد سنوات غير محمودة، ليس ذلك وحسب، بل إننا بحاجة إلى حملات توعوية واسعة النطاق في المدارس والجامعات تعمل في الاتجاه المعاكس، من شأنها توجيه الشباب الناشئ التوجيه المثالي، اعتمادا على زمرة من القدوات الشابة التي لها تأثيرها الواضح على بناء الفرد بناء حسنا، أو من الممكن أخيراً طرح فكرة التجنيد الإجباري بشكل جاد على طاولة الحوار لتقويم ما يمكن تقويمه قبل حصول ما لا يحمد عقباه.

نهاية:

«القدوة الحسنة خير نصيحة»

مثل إنجليزي.