نجحت المملكة وباقتدار في تجاوز منعطف كورونا الصعب جدا، والذي يعتبر من أصعب الأزمات العالمية، وذلك من خلال إعلانها مؤخرا، عن تخفيف الكثير من الإجراءات الاحترازية المصاحبة للجائحة، ذلك النجاح ما كان ليتم لولا قيادة حكمية وتكامل بين مختلف القطاعات، ووعي مجتمعي كسب خلالها تحدي جميع من راهن على نضجه.

ذلك التكامل حقق المعادلة الصعبة، واستطعنا من خلالها إزالة الكمامة في وقت لا تزال به الكثير من الدول تعاني من تبعات الجائحة وتداعياتها. ولأننا وصلنا لهذه المرحلة من النجاح المبهر، فحري بنا أن نسلط الضوء على ذلك النجاح ونفتش عن مسبباته.

ولعلي في معرض حديثي هنا أستحضر مقالا سابقا لي بعنوان «أيها الناصحون ماذا أنتم فاعلون بنا» تناولت خلاله السوداوية التي مورست بحق المجتمع، من قبل بعض الإعلاميين والأشخاص وقسوتهم غير المبررة، وكأننا مجتمع لم يتقيد بأي تعليمات، ولا يملك وعيا صحيا، كل تلك السوداوية والوصاية من أجل الظهور بمقاطع أو تغريدات شعبوية.

أينهم اليوم عن الإشادة بوعي المجتمع، الذي كان عنصرا فعالا في انخفاض الأعداد؟ لماذا صمتوا تجاه العدد المرتفع من الأشخاص المتلقين للجرعتين ؟.. لماذا لما ينطقوا ببنت شفة عن الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الثالثة، في إطار وعيهم التام بخطورة الفيروس، وأهمية أخذ الإجراءات الاحترازية ؟.. لماذا سنوا سهام النقد بحدة تجاه المجتمع واليوم هم في صمت مطبق ؟.

قد تدور إجابة تلك الأسئلة في فلك أن الإشادة والإنصاف، والحديث عن وعي المجتمع ليست شعبوية، ولا تجلب متابعين أو تفاعلا تويتريا زائفا. وهذا ما يقودنا لما هو أعمق من تلك الحادثة، هي ممارسة الوصاية على المجتمع، والظهور بمظهر البطل بغية جذب الانتباه، وكسب المتابعة والشهرة.

فكما أن وعي المجتمع الصحي أصبح مرتفعا ومثالا يحتذى به، يجب أن يماثله وعي وفرز لمن تؤخذ منه النصيحة، ومدى ارتباطه بمجال النصيحة، فليس مقبولا أن يمارس الجميع الوصاية وكأنه بمنأى عن الحدث، وليس متسببا في الأزمة، بالإضافة إلى طريقة البعض في النقد والوصاية وأسلوبه، يشعرك بأن المجتمع ناقص وعي أو غير مدرك لأبعاد الأمور، أو يتسم بالاستهتار واللامبالاة.

إن احتفالنا اليوم بتجاوز المرحلة الصعبة من الجائحة، يستوجب علينا شكر كل من شارك في تجاوزها، والتي بلا شك كان وعي المواطن والتزامه أحد أهم تلك المفاتيح لتجاوز المرحلة، بل أضحينا نموذجا يحتذى به، ليس على مستوى إقليمي فحسب، بل حتى دوليا، لذا يجب علينا أن نشيد بهذا المجتمع الواعي والذي كان على قدر من الرهان على الثقة بوعيه، واسمحوا لي أن أوجه رسالة لجميع من تشدق بالسوداوية، وصمت أمام النجاح المجتمعي «أيها السوداويون صمتكم ماذا هو فاعل بنا».