لا يوجد كائن في هذه الحياة إلا وله لحظات مثيرة لأحداث أخيرة عاش تفاصيلها أو سيعيشها بحلوها ومرها بخيرها وشرها بجمالها وقبحها بأثرها وتأثيرها، وليس بالضرورة أن تكون هذه الأحداث لحظة ما قبل الموت، بل يمكن أن تكون في خضم الحياة نفسها، ومجريها ومرساها.

كل لحظة تمر عليك يمكن أن تكون حدثًا تاريخيًا مهمًا جللًا في حياتك سواء بالفرح أو الحزن بالسعادة أو التعاسة. لكنها قد لا تمثل شيئًا عند الآخرين ولا تستوقفهم أو حتى ينظروا إليها أو يستشعروا أهميتها أو حتى يعيروها قليلًا من الالتفات أو التريث.

وقد تمر تلك اللحظة التي كنت تراها حساسة وحرجة ومسألة مصير أو حياة أو موت بالنسبة لك على شخص آخر فلا تحرك في قلبه ولا نفسه ولا فؤاده ولا جسمه ولا جيبه أي شيء.

لأنه ببساطة يملك الكثير من العلاقات والحسابات والمحسوبيات التي يمكن أن تذلل له جل الصعوبات.

ولحظة الأحداث الأخيرة في كل تصرفاتنا ومعاملاتنا ومسيرة حياتنا هي الأبرز على الدوام سواء كانت حسنة أو سيئة.

لأن الناس ينسون كل شيء ويتذكرون لحظة الأحداث الأخيرة من كل حدث. فقد ينسون جميلك كله ويتذكرون موقفًا بسيطًا خانتك الظروف في خدمتهم، وقد ينسون حسن أخلاقك ولطفك ونبلك معهم لمجرد أنك قلت شيئًا وقت غضب، وقد ينسون جيرتك الطيبة أو زمالتك الموفقة أو صداقتك الدائمة، أو عشرتك الطويلة لأنك مررت بظروف معينة سزقتك منهم.

وحتى لا نعمم فهناك بلا شك الكثير من الأوفياء حافظو الجميل. وهناك من الناس من هم على النقيض تماما، فقد يجدون ممن يتعاملون معهم سوء المعاملة والمن والأذى طول فترة تعاملهم معهم ولكن في لحظة من لحظات الأحداث الأخيرة يجدون منهم صنيعا حسنا أو كلاما منمقاـ فينسيهم ذلك كل شيء سيئ مر عليهم، فينسون الماضي ويستشرفون الحاضر ويصفحون الصفح الجميل «لا أظنهم كثير في زماننا».

ولعل القصص الكثيرة التي مرت علينا عبر الماضي والحاضر واستوقفتنا أحداثها الأخيرة وقرأنا بين سطورها الإثارة والتشويق، واستحضرنا فيها الفرح والحزن والألم والضحكات لأساطير ومشاهير وعمالقة، وأبطال وبارعون، ولأناس آخرين هم منا وفينا ويعيشون بيننا، ليكون القاسم المشترك بين ذلك كله، هي لحظات الأحداث الأخيرة من كل موقف وقصة وحكاية وما آلت إليه في النهاية.

صدقوني الحياة قصيرة ولحظاتها الأخيرة قليلةـ ولا تتسع تلك اللحظات للظلم والقهر والحزن والحقد والكراهية والبغض، بل تتسع لكل ما هو جميل ورائع وممتع، شريطة ألا يخالف شرع الله.