إذا كانت الإجراءات الاحترازية التي اتبعت خلال تفشي جائحة كورونا حولت بعض الفنانين إلى تقديم فقرات غنائية في عدد من المطاعم والكافيهات الكبيرة، فإن عددا من الفنانات استلهمن الفكرة، ووجدن فيها فرصة ملائمة لزيادة الشهرة، تغنيهن عن ملاحقة حفلات الأفراح، وتحقق لهن مزيدا من الانتشار حتى بعد رفع تلك الإجراءات، وعودة الحياة إلى طبيعتها.

وفي الفترة الأخيرة شهدنا صعود عدد من الفنانات إلى مسارح المطاعم والكافيهات، حيث تقدم كل منهن بضع ساعات من الغناء لرواد تلك المطاعم والكافيهات، برغم فارق الأسعار الذي يبقى حتى الآن لصالح حفلات الأفراح، إلا أن استدامة الغناء في المطاعم، إضافة إلى جملة من الأسباب الأخرى شجعتهن على أن يخطين تلك الخطوة، منها البحث عن الجماهيرية والشهرة اللتين تتحققان مع استخدام كثير من الرواد لوسائل التواصل الاجتماعي لتوثيق حتى لحظات أكلهم أو شربهم، وكذلك تنوع الحضور بين النساء والرجال، بعدما كان الأمر يقتصر فقط على النساء في صالات الأفراح، مع منع التصوير فيها في كثير من الأحيان.

ووصل الأمر ببعض الفنانات إلى التنازل التام عن تلقي أجور غنائهن في المطاعم لفترة أو لوقت دائم مقابل الحصول على فرصة الغناء فيها وتعزيز جماهيريتهن.

ومع بدء تحول هذا الأمر إلى ما يشبه الظاهرة، تدخلت هيئة الترفيه وقننت ساعات السماح بالغناء والطرب في المطاعم إلى 3 ساعات يوميا، فيما لا تزال سهرات الأفراح مفتوحة الساعات للغناء لوقت أطول بكثير.

بحث عن الجماهيرية

تجمع الفنانتان شروق عسيري ودلال الصغيرة على أن البحث عن زيادة الجماهيرية هو المحرض الأهم الذي دفع كثيرا من الفنانات للغناء في المطاعم والكافيهات، واتفقتا على أن «وجود الفنان في المطاعم شيء مهم جدا لجمهوره ومحبيه، فالموجودون بالكافيه والمطعم متابعون له ومعجبون بفنه، سواء كان ذلك في السناب أو الإنستجرام، وجاء المطعم ليكون صلة وصل بين الفنان وجمهوره، حيث يتيح للطرفين أن يلتقيا ويتواصلا بشكل حضوري يعزز متابعة الجمهور لفنانه المفضل عبر وسائل التواصل».

وأضافتا: «على الرغم من أن الأجور التي نتلقاها لإقامة الأفراح تعد أعلى وأجزى ماديا، على عكس الحال في المطاعم، إلا أننا ننظر إلى الأمر من زاوية مختلفة، وهي تؤكد أن القاعدة الجماهيرية وتوسيعها أهم المحرضات على الغناء في المطاعم».

اختلاف الجمهور

تشير الفنانة دلال الصغيرة إلى أن المطاعم والكافيهات توفر اختلافا في نوعية الحضور، وتقول «حضور المطاعم هم خليط من النساء والرجال ناهيك عن بقية أفراد العائلة بكل أعمارهم واهتماماتهم، فيما تقتصر الأفراح على النساء، كما يمنع التصوير في الأفراح، وبالتالي فإن القاعدة الجماهيرية في المطعم تعد أكبر، خصوصا مع تسجيل كثيرين لمقاطع من غنائنا وبثها عبر حساباتهم، وهذا ترويج مهم لكل فنان».

وحول أجر الفنانات أوضحت شروق عسيري «الأجور في الأفراح أعلى بكثير للفنانات على خلاف حال الفنانين الذين تعد أجورهم أقل مقارنة بما نتقاضاه نحن، فأجور الفنانات في الفرح الواحد تتراوح بين 8 و10 آلاف ريال، فيما يتقاضى الفنان من 5 حتى 7 آلاف، وتختلف المبالغ باختلاف نجومية الفنان، بينما في المطاعم تختلف أجور الدخول، فإن كان الفنان معروفا (ستار) فقد يصل سعر تذكرة الدخول للشخص نحو 500 ريال شاملة الطلبات من عشاء وخدمة، وإن كان أقل من ذلك فقد تصل إلى 350 ريالا».

تسجيل رسمي

توضح الفنانة شروق عسيري أن «الغناء في المطعم يتطلب ضرورة تسجيل الفنان أو الفنانة تحت مظلة هيئة الترفيه حتى لا يتعرض المطعم للغرامة التي قد تراوح بين (50 و80 ألف ريال)، ويتم ذلك برفع اسم الفنان من قبل المطعم إلى هيئة الترفيه، يذكر فيه أنه سيقدم أمسية غنائية في المطعم مع رفع بياناته، وبعد ذلك تصدر الموافقة من قبل الهيئة بإقامة الأمسية».

وقالت شروق عسيري نحن فنانات مشهورات، ولنا مكانتنا في الساحة الغنائية، لا نقبل بأقل من 8 آلاف أو10 وتصل أسعارنا إلى 12 الف ريال، في حفلة المطعم إذا كان هناك مطرب آخر

«لا نقبل بأجر 250 أو 500 ريال» وقد غنيت في عدد من الدول كمصر وقطر.

وقالت الساحة لا تفتقر إلى عازفين، بالعكس الساحة فيها الكثير من العازفين، ولكن لا يقبلون بالأسعار الزهيدة، فقد تبخس بعض المطاعم أسعارهم.

تكتم على الأسعار

تتكتم كثير من الفنانات عن البوح بالأجور التي يتقاضينها، وتقول الخضري «الإفصاح عن الأسعار يفرض على الفنان الالتزام بها في كل مكان، ولذا نبقي هذا من ضمن أسرارنا، فأحيانا يكون هناك فرح في قاعة فخمة، وفيها يختلف الأجر عن أجر الغناء في قاعة عادية، كما أن جملة من الأمور الأخرى ومنها مثلا الموقع تتدخل لتحديد الأجر المطلوب، لذا فإن الأجور غير ثابتة، والإعلان عنها ليس في صالح الفنان».

الساحة تعج بالجميع

ينفي مدير مجموعة المحضر ماربيا لاونج أنمار باخدلق وجود أي احتكار من قبل أي مطعم لأي فنان كما يشاع، وقال «ما زلنا نعتمد على الكلمة، فكلمتنا هي العقد وكلمة الفنان هي وعد، وهذا ربما جعل البعض يفسر الأمر على أنه احتكار، فيما الأمر في الحقيقة ثقة وراحة في التعامل من قبل المطعم مع الفنان، وتوفر عدد من الآليات التي تسهم في تمسك الفنان بالمطعم وعدم الذهاب إلى مطعم آخر حتى لو دفع له مبالغ مضاعفة».

وأضاف «لا تسمح هيئة الترفيه بالاحتكار مطلقا، وقد وضعت عدة ضوابط للغناء، منها ضرورة أن يكون المغني مسجلاً في هيئة الترفيه، إضافة إلى حصول المطعم على موافقة الهيئة عن كل ليلة طربية، وعدد المطربين سواء كان المطرب أساسيا أو ضيف شرف، إضافة الى تقديم بيانات متكاملة عن المطرب للهيئة، منها حساباته في مواقع التواصل، وكذلك تحديد وقت الطرب إلى الساعة الـ12 ليلا، ومن يخالف هذه الأنظمة يتعرض لعدة عقوبات إنذار أولا، وإذا تكرر الأمر يتعرض للإغلاق شهرا، وإذا تكرر يتعرض للإغلاق ثلاثة أشهر، وإذا تكررت المخالفة تمنع المنشأة من الطرب.

وحول وجود شح في الفنانين، قال «على العكس، الساحة تعج بأصوات كثيرة، للأسف منها الجيد ومنها من لا يمت للفن بصلة، لكنهم يطلقون على أنفسهم لقب فنان وهم في الحقيقة عبء على الفن السعودي، بل وقد يشوهون صورة الفنان السعودي في الساحة، كما أن بعضهم ممن لا يملكون صوتا ولا حضورا مسرحيا يطلبون مبالغ عالية للغناء، فيما هناك فنانون حقيقيون يطلبون مبالغ زهيدة قد تصل من 250 ريالا حتى 1000 ريال، والبعض (دون ذكر أسماء) يعرضون أنفسهم للمطعم بالمجان بهدف الصعود على المسرح لغرض الانتشار والجماهيرية الموجودة في مطاعمنا».

تباين الأجور

يستطرد باخدلق في الحديث عن أسعار الفنانين في الأفراح وارتفاعها مقارنة بأسعارهم في المطاعم، ويقول «يرجع التباين إلى كون الفنان يحتاج في الأفراح إلى فرقة موسيقة وموزع صوت، بالتالي يكون أجره أعلى في الفرح، مقارنة بالمطعم حيث لا يحتاج إلى ذلك، فللمطعم فرقته، وكلما كانت الفرقة ممتازة أخذ الفنان فرصته للغناء بشكل أفضل، خصوصا وأن الساحة تعاني من قلة العازفين، ففي المنطقة الغربية مثلا ليس لدينا سوى عازفي درامز ممتازين، فيما هناك من 5 إلى 10 عازفي عود ممتازين، والفرقة الممتازة تعطي للفنان قوة، والعكس كذلك إذا لم يكن صوته طربيا ومتوافقا مع الفرقة حيث قد يحدث نشاز بينهم يؤثر على مستوى الطرفين».

حماية المطعم

يقول محمود إبراهيم، وهو صاحب أحد المطاعم، إن المطعم يتعامل مع إحدى الشركات المتخصصة لإقامة أمسية غنائية، حيث تتفق الشركة مع الفنانين والفنانات ماديا وغنائيا، ثم يتم ترشيح الفنانين للمطعم لاختيار الفنان أو الفنانة، ومن ثم يتم الترتيب للأمسية، حيث يتم اختيار الفنان بناء على جماهيريته وصوته، ثم كذلك حضوره على المسرح».

وبين محمود إبراهيم أن المغني يجب أن يكون مسجلا ضمن هيئة الترفيه ومرفق بياناته لدى الهيئة، تجنبا لتغريم المطعم أو منعه مستقبلا من إقامة أمسيات الغناء إذا لم يكن المطرب مسجلا لدى الهيئة، إضافة إلى تحديد وقت الغناء من الـ9 حتى الـ12 ليلا.

ونفى إبراهيم مسألة الاحتكار، وقال «ليس هناك نظام احتكار، وللمطرب الحق في إقامة أمسيته حسب رغبته، في حين يقوم المطعم بالاتفاق مع المطرب لإحياء عدة أمسيات في المطعم، في المقابل بعض المطربين يكون لديهم رغبة في إقامة عدة حفلات في مطعم معين لأسباب عدة منها الجماهيرية لدى المطعم، أو الأجر الأفضل، وأحيانا تلبية لرغبة الحضور ومرتادي المطعم وغيرها من الأسباب».

وأكد أن «الساحة تعاني من شح الفنانات على عكس الحال بالنسبة للفنانين، ربما لأن الفنانين وجدوا فرصة الظهور منذ وقت طويل، ناهيك عن سفر عدد من الفنانات إلى الدول العربية الأخرى للغناء في مطاعمها وكافيهاتها، ولأن العادة هناك قصرت غناءهن على الأفراح».

تنازل عن الأجر

بينت زينب العمري، وهي مديرة تسويق في أحد المطاعم أن عددا من المغنين تنازلوا عن أجورهم مقابل غنائهم لأمسية في المطعم بهدف الشهرة والوصول إلى الجماهير ومحبي الغناء، مؤكدة وجود أصوات غير جيدة ولا تطرب الحاضرين وعلى العكس أحيانا يكون للمطرب قاعدة جماهيرية كبيرة سواء كان صوته طربيا أو غير طربي.

وذكرت أن التسويق يلعب دورا مهما في الأمسيات الغنائية من خلال الإعلانات في السوشال ميديا ووسائل التواصل والسناب شات التي يقوم المسوق فيها بعرض فيديوهات للحفلة تسهم في حضور عدد من الناس للمطعم، إضافة إلى عمل استبيان عن الفنان، وتقييمه بعد الأمسية، الأمر الذي يسهم في اختيار المطعم للفنانين أو الفنانات».

عقوبات الغناء في المطاعم من دون موافقة الهيئة

الغرامة من 50 حتى 80 ألف ريال في المرة الأولى

إغلاق المنشأة شهرا في حال التكرار

إغلاق المنشأة 3 أشهر في حال التكرار الثاني

منع المنشأة من أمسيات الغناء في حال التكرار التالي

شروط الأمسيات الغنائية في المطاعم

أن يكون الفنان مسجلا لدى هيئة الترفيه

التسجيل يشمل المغني الأساسي أو حتى ضيف الشرف

طلب الترخيص بإقامة أمسية غنائية

يرفض مع الطلب بيانات المغني بما فيها حساباته على مواقع التواصل

يسمح بالغناء فقط لـ3 ساعات

يسمح بالغناء بين التاسعة والـ12 ليلا

مبررات اتجاه الفنانات للمطاعم

جمهور المطاعم مختلط ويضم كل أفراد الأسرة

يسهم تداول مرتادي المطاعم لمقاطع غناء الفنانات في انتشارهن

حفلات المطاعم قد تكون مستمرة على عكس الأفراح المرتبطة غالبا بالمناسبات