من خلال الأنشطة الخطابية التي يقدمها نادي الرواد «التوست ماستر»، وعبر برامجه في تعليم مهارات التواصل بالآخرين، سطع اسم هذا النادي عالياً في سماء البرامج الخاصة بصناع القادة، فهذه المؤسسة التعليمية أصبحت في غضون سنوات قليلة علامة فارقة في عالم فن الخطابة والإلقاء؛ فبجهود القائمين على برامجها التعليمية في المملكة العربية السعودية، برزت من خلالها مواهب وقدرات شبابية واعدة.

هذا الصرح العظيم بما يقدمه من خدمات ومهام تدربية وتثقفية هادفة، لعب دورًا أساسيًا في تكوين شخصية الإنسان وصقل موهبته، افتقار بعض أفراد المجتمع وأنا منهم لأبعاد ورؤى الخدمات التي يقدمها هذا النادي حال دون الانتماء إليه في السابق، إضافة إلى القصور في معرفة الأدوات والأهداف التي أنشئ من أجلها؛ ولعله السبب الذي أدى إلى الحد من التحاق كثير من الشباب ببرامجه التعليمية، رغم أنها برامج مجانية بالدرجة الأولى..

لكن مع ارتفاع وعي المجتمع لهذه البرامج،وفي ظل الإنتشار للإعلام الجديد، تغيرت نظرة الارتياب والحيرة التي كانت تحيط به، فأصبح نادي «التوست ماستر» أكثر جذبًا للشباب، وأكثر طلبا، نتيجة الإلمام بأهمية وجدوى الانضمام إليه، عبر الاطلاع على البرامج التي يوفرها النادي، فارتفعت نسبة الأعضاء المشاركين فيه، وتضاعفت أعداد المنتسبين إليه عن ذي قبل، محصلة للنتائج الباهرة، ونتيجة للأصداء الإيجابية التي حظي بها. السبت الماضي أقام القطاع رقم 104في مدينة جدة، وهو واحد من مجموعة قطاعات منتشرة حول المملكة، المسابقة الدورية المعتادة في البرامج التي يتبناها، ومنها مسابقة ساتاك العربية 21/20 بفكرة حديثة ومضمون جديد في فن «ارتجال الخطابة»، فكانت القصص الخيالية المعدة مسبقا هي فكرة المسابقة، وبهذا انفرد هذا القطاع عن القطاعات الأخرى بهذا النوع الجديد من المسابقات، حيث تعد الفكرة الأولى من نوعها على مستوى القطاعات الأخرى في هذا الجانب، وتحسب لهذا القطاع الذي يرأس دورته المهندس عبدالهادي هوساوي، المشتعل حماسة وحيوية في ابتداع واستحداث الأفكار، وانعكس هذا الحماس وظهر جليًا على خشبة المسرح من خلال مشاركات المتنافسين.

التهبت المسابقة بصورة أكثر حماسة بهتافات الجمهور الذي كان حاضرا بكثافة، وتفاعل مع أفكار القصص الخيالية المقدمة. عناصر الإبدع كانت واضحة بصورة كبيرة من قبل المتسابقين والمتسابقات على حد سواء، بعد أن حققت اسمى أهدافها، بالتحرر من القيود وإطلاق العنان للقدرات المكبوتة، بالتحدث أمام الجمهور بطلاقة دون تلعثم أو خجل، مع قدرة التصرف في المواقف الحرجة، واستغلال الفرص المتاحة.

في كل مرة أُدعى إلى هذه المسابقات -كضيف شرف- يتضح لي بما لا يدع مجالًا للشك، أن شبابنا الواعي يتجه في جانب البلاغة وبيان الكلام والخطابة والإلقاء إلى مستقبل زاخر، ويزداد يقيني بأن مخرجات هذا الصرح ستسهم لا محالة في نهضة المسار التعليمي بالمملكة.