ذكرت بعض المصادر أن وزارة العدل تدرس وضع ضوابط لتنظيم الظهور الإعلامي للمحامين، وذلك بعد صدور آراء وتصريحات عن بعض القانونيين وصفت بأنها جدلية.

ولو قرأنا عددا من اللوائح والأنظمة لدى كثير من الجهات لوجدناها أنها تعتمد آليات تنظيمية للظهور الإعلامي لمنسوبيها، فلا يسمح للموظف بالإدلاء بتصريحات جدلية من موقعه الوظيفي أو بصفته الرسمية.

وبالنظر للتجربة الأمريكية في هذا الصدد نرى أن نقابة المحامين الأمريكية (ABA) قامت بنشر قائمة بالقواعد الأخلاقية النموذجية التي تستخدمها النقابات في الولايات المختلفة لإنشاء لوائحها الخاصة، ذلك أن التنظيم قد يختلف بين ولاية وأخرى. لكن بشكل عام فإن هذه القوائم لم تغفل الجوانب الإعلامية والإعلانية التي قد يتطلب العمل القانوني الانخراط بها. فعلى سبيل المثال يعد إعلان المحامي لسيرته الذاتية للجمهور مسألة تتطلب عددا من الشروط على رأسها الدقة والمصداقية في المعلومات الواردة كالمؤهل والمدرسة القانونية التي ارتادها والمجالات التي تخصص فيها، وغير ذلك من معلومات يهتم بها الناس عند طلب الخدمة القانونية.

أما فيما يتعلق بمشاركة المعلومات حول التجارب القانونية السابقة، فإننا نرى بعض التفاوت، حيث تسمح بعض الولايات القضائية للمحامين بالتحدث بعبارات غامضة حول المجالات العامة التي غطتها ممارساتهم تاريخيا، بينما تسمح ولايات أخرى بمعلومات أكثر تفصيلا وتحديدا مثل نتائج القضايا وهويات العملاء وما إلى ذلك.

على أن هذا النهج الأخير له أيضا تنظيمات أكثر وضوحا في حال قام المحامي بما يعتبر تسريبا لمعلومات خاصة توقع العملاء في حرج وإزعاج، فإن هذا بدوره يعرضه للملاحقة القانونية، وقد يعاقب المحامي أو يفقد رخصته.

ومن النماذج الأخرى المشهورة، المقارنة والتمييز بين المحامين، كأن يشار إلى أحدهم بأنه (الأفضل أو الأعلى)، وقد يعتبر هذا الإعلان مضللا إذا لم يتضمن مرجعية للمنظمة التي اتخذت هذا القرار. كما يمكن إثبات أساس إجراء المقارنة في المجالات التي يتميز فيها المحامي بشكل مستقل عبر منظمة متخصصة بهذا الشأن. وتتطلب كل ولاية أن يتجنب المحامون التصريح أو الإيحاء (متميزين) أو (الأفضل) في الإعلانات التي ينشئونها نظرا لخطورة تضليل الجمهور سواء بشأن قدرات المحامي وتجاربه أو بشأن تخصصه، وهو كذلك أمر آخر يحتاج لحصول المحامي على شهادة تفيد بأنه متخصص واعتراف من مجلس النقابة حتى يحق له طرح التخصص للجمهور.

بشكل عام نرى أن التوجه نحو وضع ضوابط لتنظيم الظهور الإعلامي أو التسويقي للمحامين هو توجه إيجابي جدا، بخاصة في ظل انتشار التصريحات العشوائية لبعض المحامين على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يقدم المحامي نفسه أحيانا على أنه رجل قانون ثم يطرح آراء شخصية أو توجهات فكرية خاصة به، فيحدث الضرر باعتقاد المتلقي أن ما ذكر هو رأي القانون، ويمتد تأثير هذا الفهم الخطأ على المجتمع والشواهد كثيرة في هذا المجال.