أسهمت شبكات التواصل الاجتماعي في فتح نافذة جديدة للمنتفعين وظيفيا، وذلك بطرق وأساليب جديدة، حيث مكنت تلك الفئة من الصعود على أكتاف حسابات الجهات، الحكومية منها والخاصة، وصناعة نجومية وهمية، وخلق مدرج من المعجبين دون أن يكون لهم أي شكل من الإسهامات، وذلك من خلال استخدامهم ما أسميه «الاحتيال التويتري».

العملية بسيطة، وقد تكون إحدى أسهل طرق الاحتيال، فهي لا تحوي اختلاسا ماديا، وإنما احتيال معنوي، ففكرتها تتبلور بأن يؤدي شخص ينتمي لجهة ما، تؤدي أدوارا وأعمالا متعددة في خدمة المواطن والمجتمع والوطن، ويقدمها عبر حساباته الشخصية، دورا وكأنه هو صانع القرار والمحرك لذلك المنجز. تمتلك هذه الفئة من الذكاء ما يجعلها تمارس هذا الدور بأسلوب رمادي، بما لا يترك أي مستمسك عليها أو أنها مارست هذا الفعل.

من هذه الفئة المقصودة العديد من النماذج، فعلى سبيل المثال لا الحصر، منهم من يسابق كمتحدث رسمي لإحدى الجهات حساب المنشأة في بث الأخبار، أو أن يبث محتوى مداهمة أو جولة تفتيشية عبر حساباته الخاصة، وكأنه يوحي للمتلقي بأنه هو نجم المشهد أو من يقف خلف ذلك الإنجاز، أو أن ينشر قرارات الجهة في حساباته قبل أو تزامنا مع نشر الجهة نفسها، وكأنه ينافسها أو هو من صنع القرار!، وبكل تأكيد يختار القرارات الشعوبية والإيجابية، حتى يصنع له مدرجا من الجمهور المحب، ويتلاشى هذا النشاط في أثناء أي أزمة أو أخبار سلبية.

ومن الأمثلة الأخرى أيضا لـ«التزلف التويتري»، أن يُسخر حساب الجهة - في «تويتر» تحديدا - لخدمة أحد المنتمين لها، سواء بالكم أو الكيف، إما من حيث كثافة الأخبار عن الشخص أو حتى الإشارة لحساباته الشخصية، أو عمل «رتويت» لما يطرحه في حسابه الشخصي لحساب الجهة.

في الحقل الإعلامي هناك أيضا عدد من النماذج في «التسلق الوظيفي التويتري»، من أبرزها أن يستغل الإعلامي مركزه الوظيفي، الذي مكنته منه الوسيلة، في بث أخبار ونشر معلومات وعمل لقاءات لمصلحة حسابه الشخصي، بما يسبق حسابات المنشأة، وهو ما يضرب بالمهنية عرض الحائط، فلولا الوسيلة الإعلامية التي يعمل بها لما تمكن من دخول أماكن يعجز غيره من العامة دخولها، ولما استطاع أن يكون صاحب مصادر وعلاقات، تحققت بفضل مرجعيته الإعلامية.

القضية ليست بالسهولة التي يعتقدها البعض، فما يمارس من قِبل البعض هو استغلال وظيفي، وبحث عن مجد شخصي، وانتشار على حساب الجهات التي يعملون بها، وقد تكون له ارتدادات عديدة، والأهم من ذلك فيه إجحاف بالغ بحق الجهة، وجهود عاملين بها.

ولهذا، فإن النموذج الأمثل للتصدي لهذه الظاهرة هو وجود دليل إرشادي معتمد من قِبل الجهات كافة، يعده نخبة من الأكاديميين والممارسين عن كيفية وضوابط عمل حسابات الجهات في شبكات التواصل الاجتماعي بشكل مفصل ودقيق، ويمكن أن تسير عليه الجهات وفق حوكمة محددة، لتفادي الكثير من «العبث التويتري» الجاري.