في الوقت الذي ينصح فيه المنظرون للمشاريع الصغيرة أصحاب تلك المشاريع بالبحث عن أفكار جديدة لتحقيق التفرد، والمنافسة عبرها، اهتدى تركي الحربي، وهو صاحب عربة طعام «فود تراك» إلى فكرة تخصيص عربته لبيع شاي الفخار، كصرخة جديدة بعد شاي الحطب وشاي الرماد، وغيرها من الأفكار التي يحاول أصحابها ابتداع أفكار تغري زبائنهم بتجربة جديدة، تتلمس فوارق نقل الفخار من الاستخدام في الطبخ والطهي إلى استخدامه في إعداد الشاي.

ولم يكن تركي الحربي هو صاحب الفكرة الوحيد، ولم يقتصر بيع شاي الفخار عليه، بل ظهرت أكواب الفخار التي تعد صديقة للبيئة بين أصحاب الـ«فود تراك» بديلة عن أكواب الورق أو الأكواب الزجاجية التي بقيت على الدوام الوعاء التقليدي لتقديم الشاي الذي بات يأتي الآن في أكواب فخارية مصنوعة ومزخرفة بأيد حرفية، ممتلئة بشاي أحمر أو أخضر أو حتى شاي الكرك أو الشاي الأزرق، وبنكهات متنوعة من النعناع إلى الحبق.

ولفتت هذه الطريقة الجديدة في تقديم الشاي أنظار الناس وإعجابهم، على الرغم من أن استخدام الفخّار في تقديم الأطعمة وحتى المشروبات يعود إلى أزمنة بعيدة، ظهرت فيها عدد من الصناعات الفخارية، واستخدمها الإنسان في ذلك الوقت في مجال إعداد الطعام وحفظه.

طريقة الإعداد

يقول تركي الحربي الذي يعمل على عربته في المدينة المنورة «أهوى الفخاريات وأحب الطعام في الفخار، وهو ما دفعني لفتح مشروع فود ترك شاي فخار، وهي فكرة جديدة في السوق».

وأضاف «شاي الفخار طريقة هندية، تتميز بطعم مختلف ونكهة مختلفة، وأقدم في الفود ترك شاي الفخار بأنواعه وكذلك قهوة بالفخار وحلوى بالفخار».

وتابع «هناك طريقتان لعمل شاي الفخار، الأولى تكون بتبخير الشاي بالفخار، وتتم بتسخين الفخار في حرارة عالية حتى يسخن ويضاف إليها الشاي ويطبخ الشاي من حرارة الفخار دون الحاجة إلى النار، والطريقة الثانية تتم بطبخ الشاي داخل الفخار ويوضع على النار حتى يغلي ويكون جاهزًا للتقديم».

وختم «أجلب الأكواب الفخارية من مجموعة أيد حرفية تصنعها بشكل يدوي».

أفضلية الفخار

أجريت مجموعة من الأبحاث على الماء في الأواني البلاستيكية، والنحاسية، والزجاجية، إلى جانب الفخار، وأثبتت أن الفخار هو الوحيد الذي استطاع إعادة العناصر الحيوية للماء، ومُقاومة البكتيريا الضارة فيه، وهو ما يؤهله لأن يكون وعاء حفظ مثاليًا للماء الصالح للشرب والطهي.

وكانت النساء العربيات القديمات يستخدمن ما يسمى «الثقالة» وهي قطعة ثقيلة من الفخار توضع على وجه الطعام خلال الطبخ لتقليل حركته وحتى لا يفقد حشوته (يحشى غالبًا بالأرز)، كما يستخدمه أحيانًا عاملو شوي لحم الهمبرغر ليضغطوا به على القطعة كاملة على السطح الساخن دون أن يؤثر سلبًا على نكهة وطعم الطعام.

وتؤكد تلك الأبحاث أن الفخار يظل صحيًا طالما لم يتم طلاؤه، لأن الطلاء اللامع الذي يكسبه شكلا جميلا له أضرار بالغة على الصحة، وهذا ما تسببه بعض أواني الفخار التي تباع في الأسواق الشعبية ومع الباعة الجائلين، وفيها مادة «الرصاص»، التي تستخدم لإعطاء اللون الأحمر للفخار بدلا من الطمي الأسواني الصحي.

نجاح عبر التاريخ

منذ قديم الزمن استخدم الفخار في إعداد الطعام وطبخه لأنه حافظ على قيمة الطعام الغذائية، وقد عرفه اليابانيون منذ فترة جومون المبكرة من 10000 إلى 300 سنة قبل الميلاد، وقد كانت اليابان أقدم دول العالم في صناعة الفخار، حيث أنشئت في تلك الفترة أفران وأوان فخارية، وانتشر منها في كثير من دول العالم، وعرف حتى في العهد الإسلامي في كل من مصر، وبلاد الشام، وبلاد الرافدين، ومناطق الأناضول، حيث انتشرت الأواني الفخارية في عدد من القصور، والمعالم التاريخية الإسلامية.

رأي الأطباء

يذكر الأطباء أن أواني الفخار من الأواني المفيدة في طهي الطعام، وذلك لأنها لا تتفاعل مع الطعام على عكس بعض المعادن الأخرى مثل الألومنيوم والنحاس، فعند الاستخدام الزائد مع عدم النظافة ينتج أكسيد الألومنيوم، والنحاس، وقد يسببان التسمم أو كثيرًا من الأمراض، كذلك لا ينتج عنه أي أضرار على الكلى والمعدة، وتعد الأواني الفخارية آمنة في طهي الطعام عند درجات حرارة عالية، لأنها صنعت من الطين تحت نفس درجات الحرارة.

فوائد طبخ الطعام في الفخار

ـ لا يتفاعل الفخار مع الغذاء، ولا أضرار له على الصحة.

- يُكسب الطعام مذاقًا مميزًا.

- يستغرق وقتًا أقل على النار، ما يجعله يحافظ على القيمة الغذائية للطعام.

- يحتفظ بقوام الخضراوات ويعمل على عدم اهترائها «هرسها».

- البخار الصادر منه خالٍ من السموم وصديق للبيئة.

- يحتفظ بقيمة الأس الهيدروجيني PH بالمياه والأطعمة.