تهتم الكثير من الدول بالهوايات التراثية المتوارثة منذ القدم، مثل مصارعة الثيران، هواية خطيرة لكن إسبانيا ما زالت محافظة على هذا الموروث، ليس لأنه تراث تقليدي لديهم وممتع فحسب، بل لأن له أبعادًا اقتصادية وسياحية، ووفق ما قرأت وجدت أنها تربح سنويًا ما يقارب 4 مليارات يورو، وأن الكثير من السياح حول العالم يسافرون إليها من أجل اكتشاف هذا الموروث.

ومن الهوايات التي نهتم بها كعرب «الفروسية وسباق الهجن والصيد بالصقور»، واليوم مع دعم سمو الأمير محمد بن سلمان ومع رؤية 2030 أصبح لدينا الكثير من المصادر الاقتصادية والسياحية للدولة، مثل مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور.

ما أدهشني كمتابعة معرفتي بوجود نحو 20 ألف صقار في المملكة، وعندما بحثت أكثر وجدت مزارع لإنتاج الصقور المحلية، وشاركت بالمزادات التي نظمها نادي الصقور السعودي، وخصصت لها أشواطًا بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور دعمًا لها، وبجوائز مالية تصل إلى مليون ريال، توزع على الفائزين في مسابقتي الملواح والمزاين.

المهرجان يشكل حدثًا عالميًا هو الأضخم من نوعه، يبشر بمستقبل مشرق لهذا القطاع، الذي يجمع الاقتصاد والثقافة في مكان واحد، يحافظ ضمن أهدافه على إرثنا كسعوديين المتمثل في الصقور، وتعد تراثًا ثقافيًا وحضاريًا وإنسانيًا، يعمل على نقله للأجيال القادمة من صقاري المستقبل.

وتشجيعًا لهذه الهواية بات المهرجان علامة فارقة في عالم الصقور، يترقبه الصقارون من داخل المملكة وخارجها، بجوائز تبلغ نحو 25 مليون ريال، واستعدادات مكثفة، تجعل من مهرجان الملك عبدالعزيز حدثًا استثنائيًا يشارك به آلاف الطيور، وتمكن من دخول موسوعة غينيس مرتين كونه يضم أكبر تجمع للصقور عالميًا، وها هو يسجل حراكًا اقتصاديًا، ووجهة سياحية، بشكل يزيد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة ويحرك العجلة الاقتصادية.

إن هذا المجال على الرغم من قدمه بالمملكة إلا أنه ما زال يحمل الكثير من الفرص الاستثمارية التي قد تكون ذات أرباح وعوائد مالية تنافسية، تفوق الأرباح التي تكسبها إسبانيا من مصارعة الثيران.

لم أكن أعرف عن الصيد بالصقور الكثير، إلا أن المهرجان والاهتمام الكبير به دفعني للبحث عن موروثنا، فوجدت أن الصيد بالصقور أو الصقارة كما هو سائد، يمثل موروثًا ثقافيًا عريقًا لدينا، ويعتبر هواية الأجداد والتي كانت تثير فيهم الحماسة والتنافس على الصيد بالصقور واقتناء أفضل وأجود سلالات الصقور.